الخميس، 1 سبتمبر 2011

زين العابدين علي بن الحسين


نسل النبي صلى الله عليه و سلم
زين العابدين علي بن الحسين
نسبه رضي الله عنها 
هو ابن الحسين بن علي بن أبى طالب رضي الله تعالى عنه. جدته هي سيدة نساء هذه الأمة السيدة فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها إبنة خير خلق الله محمد نبي الله صلى الله عليه و سلم
و أمه هي السيدة سلافة بنت يزدجر (آخر ملوك فارس و كانت قد اسرت هي و أختان لها في غزوة للجيش الإسلامي في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه و حين زوجها الإمام علي بن ابي طالب لابنه الحسين رضي الله عنه قال له : "خذها فستلد لك سيداً في العرب و سيداً في العجم و سيداً في الدنيا و الآخرة"
مولده رضي الله عنه 
ولد علي بن الحسين رضي الله عنه يوم الخميس السابع من شعبان عام 27 هــ في بيت السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت الرسول صلى الله عليه و سلم
و قد سماه جده الإمام علي بن أبي طالب و يقال انه حين ولد فرح به و تهلل و أذن في أذنه كما أذن في أذن ابيه الحسين رضي الله عنه
نشأته رضي الله عنه 
نشأ علي بن الحسين رضي الله عنه في بيت جدته فاطمة الزهراء و نال من رعاية جده الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه و عطفه و تعلقه به فقد كان الإمام علي رضي الله عنه حريصا على ان يبقى نسب رسول الله صلى الله عليه و سلم متصلا مستمرا فكان يخشى عليه من المعارك الضارية و في معركة "صفين" لم يسمح الإمام علي رضي الله عنه لابنه الحسين بالاندفاع به نحو الموت
لم يكد يبلغ الرابعة من عمره حتى تعهده أبوه الحسين و عمه الحسن يحفظانه القرآن و الأحاديث الشريفة و قد حفظ القرآن كاملاً في سن صغيرة ثم تعلم علوم الفقه و الدين حتى ضرب المثل بعلمه و فقهه فقد قال عنه علي بن سعيد : "إنه أفضل هاشمي فقهاً و ورعاً "
يوم كربلاء 
كان علي بن الحسين رضي الله عنه هو الوحيد من ذكور آل البيت الذي نجا من مذبحة كربلاء و به استمر نسل النبي صلى الله عليه و سلم فحسبك ان تعرف انه ما من احد ينتسب الى الإمام ابحسين رضي الله عنه الى يومنا هذا إلا و كان من نسل علي بن الحسين
و قد كاد جنود يزيد ان يقتلوا علي بن الحسين و هو مريض فقد أراد شمر بن ذي الجوشن ان يقتله لولا ان قال له حميد بن مسلم : سبحان الله أتقتل الصبيان و جاء عمر بن سعد و قال : لا يدخلن بيت النسوة أحد و لا يتعرض لهذا الغلام المريض أحد
و قد كانت نجاته رضي الله عنه من مذبحة كربلاء بسبب مرض الم به فكان طريح فراشه داخل مخيم المسلمين و قد حمل إلى ابن زياد والي الكوفة في هذا الوقت مع السبايا
و يستعد الجند لضرب علي بن الحسين رضي الله عنه خشية ان يكون شوكة في نحورهم في يوم من الايام. و في هذا الموقف الصعب تتجلى شجاعة بطلة كربلاء السيدة زينب التي احتضنت ابن اخيها و قالت لابن زياد : حسبك يا ابن زياد ما رويت من دمائنا و هل ابقيت على احدا غير هذا ؟ و الله لا افارقه فإن قتلته فاقتلني معه
و هنا يرد علي بن الحسين بشجاعة تليق بآل بيت النبي صلى الله عليه و سلم : أبالقتل تهددني يا ابن زياد أما علمت ان لقتل لنا عادة و كرامتنا الشهادة ؟
و ينكس والي الكوفة رأسه امام هذه الشجاعة النادرة و يقول للسيدة زينب رضي الله عنها : عجبا لصلة الرحم و الله إني أظنها ودت لو اني قتلتها معه. دعوه ينطلق مع نسائه فإني أراه لما به مشغولاً
قدومه رضي الله تعالى عنه الى مصر 
عندما عادت السيدة زينب رضي الله تعالى عنها عقيلة بني هاشم بنت الإمام علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأخت الإمام الشهيد في كربلاء الحسين بن علي رضي الله تعالى عنه إلى المدينة المنورة ومعها سيدات أهل البيت بالإضافة إلى الزهرة التي بقيت من صلب الإمام الحسين، علي زين العابدين رضي الله تعالى عنهما ضيق عليها الأمويون الخناق في المدينة المنورة، مدينة جدها رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم وأمها الزهراء رضي الله تعالى عنها ، وخيّروها أن تذهب في أرض الله الواسعة، فاختارت أرض الكنانة مصر داراً لإقامتها ومقامها، لما سمعته عن أهلها الكرام وعن محبتهم لأهل البيت عليهم السلام ومودتهم لذوي القربى من آل محمد رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم
وتجمع كتب التاريخ أنه حينما شارف موكب السيدة زينب و من معها من آل بيت النبي صلى الله عليه و سلم أرض مصر، خرجت كافة طبقات المجتمع المصري لاستقبالهم في بلبيس عام61 هـ، حتى أنها عليها السلام حينما شاهدت احتفاء أهل مصر بها ظلت تردد "هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون"،
ومنذ ذلك التاريخ كانت السيدة زينب عليها السلام ولا تزال قبساً من نور النبوة في مصر، وما فعله أهل مصر مع السيدة زينب فعلوه مع تلك الأغصان من الدوحة النبوية المباركة،
ومن أبهى العتبات المقدسة لأهل البيت عليهم السلام في مصر هناك حي زين العابدين عليه السلام يفوح شذا مقام الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين عليه السلام، وقد وفد إلى مصر مع عمته السيدة زينب عليها السلام. وفي هذه الروضة المحمدية يرقد أيضاًَ الرأس الشريف لابنه زيد بن علي بن الحسين عليه السلام.
و قد ظل حي زين العابدين أو حي السيدة زينب كله و مسجد سيدي زين العابدين (يرجع إلى أوائل القرن الثاني عشر الهجري أوائل القرن التاسع عشر الميلادي) محل عناية و اهتمام حكام مصر على مدى تاريخها نظراً لمكانته و مكانة آل البيت في قلوب المصريين
زواجه رضي الله عنه 
لما بلغ علي بن الحسين السابعة عشر من عمره تزوج من فاطمة بنت عمه الحسن بن علي بن أبي طالب و أنجبت له من الذكور : زيد و الحسن و الحسين الأصغر و عبد الرحمن و سليمان و علي و محمد الباقر و عبد الله الباهر و من الإناث " خذيجة و فاطمة و عليه و أم كلثوم
حب الناس له رضي الله عنه 
و مما يذكره التاريخ عن علي زين العابدين رضي الله عنه أنه لما حج هشام بن عبد الملك أيام أبيه و طاف بالبيت العتيق تعذر عليه لمس الحجر الأسود لكثرة الناس لكن الناس تغاضت عنه كأنهم لا يعرفونه رغم انه كان من أعيان الشام.
ثم اقبل علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه فافسح الناس له الطريق فتعجب هشام و سأل عن هذا الشاب فرد الفرزدق الشاعر العربي المعروف قائلاً : أنا أعرفه
ثم أنشد الفرزدق قصيدته الشهيرة الموجودة بكاملها على باب ضريح علي بن الحسين فقال:
و البيت يعرفه و الحل و الحرمهذا الذي تعرف البطحاء وطأته
هذا التقي النقي الطـاهر العلمهذا ابن خير عبــاد الله كلهم
إلى مكارم هذا ينتهي الكـرمإذا رأته قريش فقـال قائلـها
و يضيف قائلاً:
بجده أنبياء الله قد ختمواههذا ابن فاطمة إن كنت جاهله
فلما سمع هشام القصيدة غضب و سجن الفرزدق فلما علم علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه أرسل إليه بأربعة آلاف درهم فردها الفرزدق قائلاً: إنما امتدحتك بما أنت أهله
فردها زين العابدين رضي الله تعالى عنه قائلاً : خذها و تعاون بها على دهرك فإننا آل البيت إذا وهبنا شيئاً لا نستعيده. عند ذلك قبل الفرزدق الدراهم
فضائله رضي الله تعالى عنه 
ضرب الناس المثل في العلم و الحلم بزين العابدين علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه و كذلك في بره بوالديه و في عبادته رضي الله تعالى عنه
و يقول ابن عائشة : سمعت أهل المدينة يقولون ما فقدنا صدقة السر إلا بعد موت علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه
و قال محمد ابن إسحاق : كان الناس من اهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين معاشهم و مأكلهم فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كان يأتي ليلاً الى منازلهم فقد كان علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه يحمل جراب الخبز على ظهره في الليل ليتصدق به
و عن حلمه رضي الله تعالى عنه ان الجارية سكبت له الماء ليتوضأ فسقط الابريق من يدها على وجهه فشجه و سال الدم فقالت : إن الله يقول "و الكاظمين الغيظ" فقال لها : قد كظمت غيظي فقالت : "و العافين عن الناس: فقال: عفا الله عنك فقالت : " و الله يحب المحسنين" فقال : " أنت حرة لوجه الله"
و في بر الوالدين فقد قيل له : "إنك أبر الناس بأمك و لسنا نراك تأكل معها في صفحة واحدة" فقال : "أخاف أن تسبق يدي إلى ما تسبق إليه عينها فأكون قد عققتها"
و عن إيمانه رضي الله تعالى عنه ان حريقا شب في بيته و هو ساجد يصلي فجعل من في البيت يصيحون : " النار النار" فما رفع رضي الله تعالى عنه رأسه حتى اطفئ الحريق فقيل له : "أشعرت بالنار ؟" فقال : ألهتني عنها النار الكبرى
و عن حكمته رضي الله تعالى عنه فإن له الكثير من المقولات التي تنبض بالحكمة و منها "من قنع بما قسم له فهو أغنى الناس"
"الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين"
وفاته رضي الله تعالى عنه 
الثابت انه رضي الله تعالى عنه دفن في البقيع في المدينة المنورة


أمامة بنت أبي العاص رضي الله عنها


أحفاد النبي صلى الله عليه و سلم
أمامة بنت أبي العاص رضي الله عنها
نسبها رضي الله عنها : 
هي أمامة بنت أبي العاص بن ربيع بن عبد العزى بن عبد مناف القرشية العبشمية و أبوها هو الذي أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال : حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي
أمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم و جدتها لامها أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها و ارضاها
مولدها رضي الله عنها : 
ولدت رضي الله عنها في عهد جدها صلى الله عليه و سلم فتربت على مبادئ الإسلام منذ طفولتها المبكرة
وفاة أمها رضي الله عنها : 
توفيت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم في السنة الثامنة من الهجرة و فارقت ابنتها و لم يعوضها سوى حب جدها رسول الله صلى الله عليه و سلم لها
حب رسول الله صلى الله عليه و سلم لها : 
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يحب أمامة رضي الله عنها و كأنه يرى امها الراحلة رضي الله عنها و كان يقربها و يخصها بالهدايا و من ذلك ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها و تقول : أهدي الى رسول الله صلى الله عليه و سلم قلادة من جزع -خرز- ملمعة بالذهب و نساؤه مجتمعات في بيت كلهن و أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم - و هي بنت العاص بن الربيع – جارية تلعب في جانب البيت بالتراب
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "كيف ترين هذه ؟ "
فنظرن إليها فقلن : "يا رسول الله ما رأينا أحسن من هذه و لا أعجب
فقال : أرددنها إلي
فلما أخذها قال : والله لأضعنها في رقبة أحب أهل البيت إلي
قالت عائشة : فأظلمت علي الأرض بيني و بينه خشية أن يضعها في رقبة غيري منهن فأقبل حتى وضعها في رقبة أمامة بنت العاص فسري عني
وقد روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النجاشي رضي الله عنه أهدى النبي صلى عليه و سلم حلية فيها خاتم من ذهب فصه حبشي فأعطاه أمامة رضي الله عنها
حمل الرسول صلى الله عليه و سلم لها في الصلاة : 
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكرم أمامة و يحبها و لا يطيق فراقها حتى انه صلى ذات مرة و هو يحملها فإذا سجد وضعها و الحديث أخرجه الشيخان و رواية أبو داوود عن أبي قتادة رضي الله عنه قال : بينما نحن ننتظر رسول الله صلى الله عليه و سلم في الظهر أو العصر وقد دعاه بلال للصلاة إذ خرج علينا و أمامة بنت أبي العاص بنت ابنته على عنقه فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم في مصلاه و قمنا خلفه و هي في مكانه الذي هو فيه
قال : فكبر فكبرنا >br> قال : حتى إذا اراد رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يركع فوضعها ثم ركع و سجد حتى إذا فرغ من سجوده ثم قام أخذها فردها في مكانها فما زال رسول الله صلى الله عليه و سلم يصنع بها ذلك في كل ركعة حتى فرغ من صلاته
زواجها رضي الله عنها : 
لما مات أبوها رضي الله عنه عام 12 هـ أوصى بها الزبير بن العوام و كان ابن خاله فزوجها علياً بن أبي طالب بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها التي كانت أوصت عليا بأن يتزوجها فتزوجها علي و بقيت معه إلى أن طعن رضي الله عنه
وحزنت امامة لموت علي رضي الله عنه ووصفت أم الهيثم حزن امامة قائلة :
أمامة حين فارقت القرينا أشاب ذؤابتي و أذل ركبي
فلما استيأست رفعت رهينا تطيف بها لحاجتها اليه
و كان علي رضي الله عنه قد قال لأمامة لما حضرته الوفاة : ان كان لك في الرجال حاجة فقد رضيت لك المغيرة بن نوفل عشيراً
فلما انقضت عدتها خطبها معاوية بن أبي سفيان لنفسه فأرسلت امامة إلى المغيرة بن نوفل – وهو ابن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب - : ان كان لك بنا حاجة فأقبل فتقدم المغيرة رضي الله عنه و خطبها من الحسن بن علي فتزوجها منه و أقامت امامة معه حتى توفيت رضي الله عنها و لم تلد له و لا لعلي 
رضي الله عنها و أرضاها


الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم


أحفاد النبي صلى الله عليه و سلم
الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما
نسبه رضي الله عنها 
هو الإمام الحسين سبط رسول الله صلى الله عليه و سلم ولد في بيت النبوة. أمه هي الزهراء فاطمة واحدة النساء الأربع الكاملات و هو ابن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهو أخو الإمام الحسن رضي الله تعإلى عنه و أرضاه
فضله رضي الله عنه : 
يقول الإمام أحمد في مسنده و البخاري في "الأدب المنفرد" و الترمذي و ابن ماجة و الحاكم في "المستدرك" قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "حسين مني و أنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً: الحسن والحسين سبطان من الأسباط"
كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "أحشر أنا و الأنبياء في صعيد واحد فينادى : معاشر الأنبياء تفاخروا بالأولاد فأفتخر بولدي الحسن و الحسين"
فضله رضي الله عنه : 
مرَّ الحسيـن -رضي اللـه عنه- يوماً بمساكين يأكلون في الصّفّة ، فقالوا :( الغـداء ). فنزل وقال :( إن اللـه لا يحب المتكبريـن ).فتغدى ثم قال لهم :( قد أجبتكم فأجيبوني ). قالوا :( نعم ).فمضى بهم إلى منزله فقال لرّباب :( أخرجي ما كنت تدخرين ).
حب خير الخلق صلى الله عليه و سلم له : 
روي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج يوماَ من بيت عائشة فمر على بيت فاطمة الزهراء فسمع حسيناً يبكي فقال : "ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني ؟ "
و روي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قام يخطب في الناس فجاء الحسن و الحسين رضي الله عنهما و عليهما قميصان أحمران يمشيان و يعثران فنزل النبي صلى الله عليه و سلم من فوق المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال : "صدق الله (إنما أموالكم و أولادكم فتنة) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان و يعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي و رفعتهما"
وروي ان الرسول صلى الله عليه و سلم كان يضم الحسن و الحسين و يأخذهما إلى قلبه و يمسك دمعه و قلبه الشريف يدق ألماً للمصير الذي أحس انهما سيلقياه دفاعاً عن دين الله.
مولده رضي الله عنه : 
ولد الإمام الحسين رضي الله عنه في الخامس من شعبان في السنة الرابعة للهجرة في المدينة المنورة.
روي ان الحسين عندما ولد سر به جده صلى الله عليه و سلم سروراً عظيماً و ذهب إلى بيت الزهراء رضي الله عنها و حمل الطفل ثم قال : ماذا سميتم ابني ؟ قالوا : حرباً فسماه الرسول صلى الله عليه و سلم حسيناً
حياته رضي الله عنه في بيت النبوة : 
أدرك الإمام الحسين رضي الله عنه ست سنوات و سبعة أشهر و سبعة أيام من عصر النبوة حيث كان فيها موضع الحب و الحنان من الرحمة المهداة صلى الله عليه و سلم فكان النبي صلى الله عليه و سلم كثيراً ما يداعبه و يضمه و يقبله.
وكان صلى الله عليه و سلم يلقاه في الطرقات مع بعض لداته فيتقدم الرسول صلى الله عليه و سلم أمام القوم و يبسط للغلام يديه و الغلام يفر هنا و هاهنا و الرسول صلى الله عليه و سلم يمازحه و يضاحكه ثم يأخذه فيضع إحدى يديه تحت قفاه و الأخرى تحت ذقنه و يقبله و هو يقول صلى الله عليه و سلم : "حسين مني و أنا من حسين"
و كان الرسول صلى الله عليه و سلم يدخل في صلاته حتى إذا سجد جاء الحسين فركب ظهره و كان صلى الله عليه و سلم يطيل السجدة فيسأله بعض أصحابه انك يا رسول الله سجدت سجدة بين ظهراني صلاتك أطلتها حتى ظننا انه قد حدث أمر او انه يوحى إليك فيقول النبي صلى الله عليه و سلم : (كل ذلك لم يكن و لكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته)
حياته و جهاده رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم : 
كان الإمام الحسين مازال صغيراً عندما توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم ماتت أمه الزهراء رضي الله عنها و ارضاها.
عندما بويع ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه بالخلافة كان الإمام الحسين قد تجاوز العشرين من عمره. و قد كان رضي الله عنه عابداً, زاهداً, عالماً, شجاعاً و حكيماً و سخياً
كان الإمام الحسين رضي الله عنه في طليعة الجيش الذي سار لفتح طبرستان بقيادة سعد بن أبى وقاص و قاتل رضي الله عنه في موقعة الجمل و موقعة صفين و قاتل الخوارج و تنقل مع جيوش المسلمين لفتح افريقيا و غزو جرجان و قسطنطينية و يؤكد المؤرخون أن الإمام الحسين زار مصر في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع جيش الفتح الإسلامي
استشهاده رضي الله عنه
رفض خلافة يزيد بن معاوية : 
وضع الإمام الحسين نصب عينيه نصيحة أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما أوصاه و الإمام الحسن قبل وفاته قائلاً : (أوصيكما بتقوى الله و لا تطلبا الدنيا و إن طلبتكما و لا تأسفا على شئ منها زوي عنكما افعلا الخير و كونا للظالم خصماً و للمظلوم عوناً)
توفي معاوية نصف رجب سنة ستين ، وبايع الناس يزيد ، فكتب يزيد للوليد ابن عتبة مع عبد الله بن عمرو بن أويس العامري ، وهو على المدينة :( أن ادعُ الناس ، فبايعهـم وابدأ بوجوه قريـش ، وليكن أول من تبدأ به الحسيـن بن عليّ ، فإن أمير المؤمنين رحمه اللـه عهد إليّ في أمره للرفق به واستصلاحه ).
فبعث الوليد من ساعته نصف الليل إلى الحسين بن علي ، وعبد الله بن الزبير ، فأخبرهما بوفاة معاوية ، ودعاهما إلى البيعة ليزيد ، فقالا :( نصبح وننظر ما يصنع الناس ).
و لكن الإمام الحسين لم يقبل أن تتحول الخلافة الإسلامية إلى ارث و أبى أن يكون على رأس الإسلام فتى فاسق ظالم كيزيد ابن معاوية فرفض أن يبايعه و لم يعترف به.
و قد التقى الوليد بالحسين رضي الله عنه و طلب منه البيعة ليزيد فرفض الحسين بينما ذهب عبد اله بن الزبير إلى مكة لاجئاً إلي بيت الله الحرام و بايع هناك عبد الله بن عمر رضي الله عنه
و في المدينة بعد أن رفض الحسين رضي الله عنه مبايعة يزيد ذهب مروان ابن الحكم شيخ الامويين إلى الوليد و لامه لانه أذن للحسين بالانصراف من مجلسه و لم يشدد عليه و لم يحبسه (حتى يبايع او تضرب عنقه) و هنا يقول الحسين لمروان : (أأنت تضرب عنقي ؟ ) ثم التفت إلى الوليد و قال : ( يا أمير إنا أهل بيت النبوة و معدن الرسالة بنا فتح الله و بنا ختم و يزيد فاسق فاجر شارب خمر قاتل النفس المحرمة معلن بالفسوق و الفجور و مثلي لا يبايع مثله).
الخروج إلى مكة و العزم على الذهاب إلى الكوفة : 
و خرج الإمام الحسين رضي الله عنه إلى مكة و عرف الناس موقفه و رفضه بيعة يزيد و هنا تتقاطر عليه الرسل من المسلمين عامة و أهل الكوفة خاصة يبايعون الحسين بالخلافة و شدد أهل الكوفة على الإمام الحسين رضي الله عنه أن يأتي إليهم و يعدوه أن يناصره و يقاتلوا معه.
و هنا اعتزم الإمام الحسين رضي الله عنه أن يخرج إلى الكوفة بعد أن مكث في مكة المكرمة أربعة اشهر.
واستشار الإمام الحسين رضي الله عنه أصحابه فحاولوا أن يثنوه عن عزمه وقول له ابن الزبير رضي الله عنهما ( لو أقمت بالحجاز ثم أردت هذا الأمر –يعني الخلافة- هنا لما خالفناك و إنما ساعدناك و بايعناك و نصحناك )
فاجاب حفيد رسول الله قائلاً : (إن أبى حدثني أن لها –أي مكة المكرمة- كبشاً تستحل به حرمتها فما أحب أن أكون هذا الكبش)
و قبل أن يخرج رضي الله عنه إلى الكوفة أرسل ابن عمه مسلم ابن عقيل ليمهد له و يتحاور مع أهل الكوفة و يرى إن كانوا جادين في نصرته رضي الله عنه فأرسل إليه ابن عقيل يدعوه إلى المجيء إلى الكوفة فصمم الإمام على المسير إلى الكوفة
الأحوال في الكوفة : 
علم جواسيس يزيد بأمر مسلم ابن عقيل فيغير والي الكوفة النعمان بن بشير ليأتي بدلاً منه عبد الله بن زياد وتضم البصرة إليه و قد كان عبد الله بن زياد من أم مجوسية تدعى مرجانة و كان ألكن اللسان و هو من أعوان يزيد الدين قال عنهم العقاد في كتابه (أبو الشهداء الحسين بن علي): جلادين و كلاب طراد في صيد كبير
و قد استخدم عبد الله بن زياد في أهل الكوفة صنوف التعذيب و الإرهاب و القتل و الصلب حتى انفضوا عن مسلم بن عقيل و حاول مسلم تحذير الإمام الحسين رضي الله عنه و لكن أعوان ابن زياد قبضت على الرسل ولم تصل الرسالة إلى الإمام الحسين رضي الله عنه. ثم قبض على مسلم و قتل في قصر ابن زياد في التاسع من ذي الحجة عام 60 هـ
و سار الإمام الحسين إلى الكوفة و معه 72 او 82 من الجند فلقي ألف فارس يتقدمهم الحر بن يزيد الرياهي الذي بعث به ابن زياد بتعليمات محددة و هي أن يصاحب الإمام الحسين إلى الكوفة و لا يقتله فان أبى فليأخذ طريقاً لا يقدمه الكوفه و لا يرده إلى المدينة و حذر الحر الإمام الحسين من قتال ابن زياد.
و انطلق الركبين و أثناء ذلك أرسل ابن زياد إلى الحر يأمره ألا ينزل ركب الحسين رضي الله عنه إلا بالعراء في غير حصن و على غير ماء فأشار بعض أصحاب الحسين رضي الله عنه عليه بالقتال و لكنه رضي الله عنه رفض أن يبدأهم بقتال
و حين وصل الركب إلى كربلاء استشعر الحر بن يزيد ان المراد قتل الحسين رضي الله عنه فترك الحر الجيش و ذهب إلى الإمام الحسين رضي الله عنه قائلاً : (جعلت فداك يا ابن رسول الله أنا صاحبك منعتك من الرجوع و جعجعت بك في هذا المكان و ما ظننت القوم يردون عليك ما عرضته عليهم و والله لو علمت انهم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركبت مثل الذي ركبت و إني تائب إلى الله مما صنعت فهل ترى لي من توبة ؟ " فقبل الحسين عذره
و قد قاتل الحر رضي الله عنه مع الإمام الحسين رضي الله عنه حتى قتل في الثاني من المحرم سنة 61 هـ
استشهاد سيد شباب أهل الجنة : 
و علم الإمام الحسين أن النهاية قد قربت فطلب من جنده ان يتفرقوا عنه تحت جنح الليل لكنهم أبوا إلا أن يموتوا دونه.
و اصبح الصباح واشتد العطش بالحسين رضي الله عنه و بمن معه و حبس الماء عنهم ثلاثة أيام أو يزيد و قد رأى الإمام الحسين ابنه عبد الله يبكي من الألم و العطش و قد بح صوته من البكاء فحمله على يديه و قال للظالمين : "اتقوا الله في الطفل إن لم تتقوا الله فينا" فرمى رجل الطفل بسهم فنفذ إلى أحشاءه و هو بين يدي والده رضي الله عنه.
وإذا أردنا التحدث عن فظائع كربلاء فحدث و لا حرج فها هو عبد الله ابن مسلم ابن عقيل يمسح جبينه فيصيبه سهم يثبت يده في جبهته. و هاهو علي اصغر أبناء الحسين رضي الله عنه يقاتل ثم يعود لأبيه فيقول : يا أبت العطش
فيجيبه الحسين رضي الله عنه : اصبر يا حبيبي فإنك لا تمسي حتى يسقيك رسول الله بكأسه
فينصرف إلى القتال و بالفعل يصاب علي بن الحسين رضي الله عنهما بسهم في حلقه فيقبل و هو يشجب دماً و يقول : يا لبتاه عليك السلام هذا جدي رسول الله يقرئك السلام و يقول عجل القدوم إلينا
و الكثير و الكثير من الفظائع إلى أن قتل الحسين سيد شباب أهل الجنة رضي الله عنه و قطعت رأسه الشريفة و قد وجد في جسده رضي الله عنه بعد وفاته ثلاث و ثلاثون طعنه و أربع و أربعون ضربة غير إصابات النبل و السهام و أحصاها بعضهم من ثيابه فإذا هي مائه و عشرون.
و هكذا قتل الذكور من آل بيت النبي صلى الله عليه و سلم في كربلاء و لم يبق غير الصبي زين العابدين و تقول السيدة زينب أخت الحسين رضي الله عنهما و هي تستنجد و تستجير : يا محمداه! هذا الحسين بالعراء و بناتك سبايا و ذريتك مقتلو مسفى عليها الصبا
و هكذا –كما يقول العقاد- ليس في العالم بأسره أنجبت من الشهداء من أنجبتهم أسرة الحسين عدة و قدرة و ذكراً و حسبه انه وحده في تاريخ هذه الدنيا : الشهيد ابن الشهيد أبو الشهيد في مئات السنين.
الجزاء من جنس العمل : 
عندما صعد ابن زياد المنبر ليخطب في الناس بعد كربلاء فما أن أتم جملته الأولي حتى وثب عليه شيخ ضرير هو عبد الله بن عفيف الازدي (الذي ذهبت إحدى عينيه في يوم الجمل و الاخرى يوم صفين) فصاح به مستهزئا: ( يا ابن مرجانة أتقتل أبناء الأنبياء و تقوم على المنبر مقام الصديقين ؟ إنما الكذاب أنت و أبوك و الذي ولاك) فقتل الشيخ الضرير و صلب
ثم خرج من أهل الكوفة جماعة (التوابين) و داعيتهم المختار بن أبى عبيد الثقفي و أقسموا ألا يتركوا واحداً من قتله الحسين
أما عبد الله بن زياد فقتل و حرق
و شمر بن ذي الجوشن –الذي أمر الرماة أن يرشقوا الحسين رضي الله عنه بالنبل- القيت أحشاؤه للكلاب
و كان مجرد شبهة الاشتراك في كربلاء كافيا لذبح صاحبه او سحله او حرقه او صلبه و قد بلغ انتقام جماعة التوابين حداً فاق مذابح كربلاء.
و هكذا كانت كربلاء كما قال ماريين المؤرخ الألماني نقلا عن كتاب العقاد : (إن حركة الحسين و خروجه على يزيد كانت عزمة قلب كبير عز عليه الإذعان و عز عليه النصر العجل فخرج بأهله و ذويه ذلك الخروج الذي يبلغ به النصر الآجل بعد موته و تحيي به قضية مخذولة ليس لها بغير ذلك حياة)
و قد ترددت روايات كثيرة حول رأس الإمام الحسين رضي الله عنه فمنهم من قال انها دفنت بالبقيع عند قبر السيدة فاطمة و منهم من قال بدمشق و منهم من قال القاهرة و ترى الدكتورة سعاد ماهر أن أقوى الآراء هو الذي يقول أن الرأس طيف به في الأمصار الإسلامية حتى وصل إلى عسقلان ثم تقدم الصالح طلائع وزير الفاطميين بمصر فدفع 30 ألف درهم و استرد الرأس الشريف و نقله إلى القاهرة و يؤيد أن الرأس بالقاهرة ابن كثير و ابن خاكان و ابن بطوطة و الكثيرون و هناك الكثير من الأدلة و البراهين على ذلك يمكن قراءتها تفصيلياً في كتاب (آل بيت الرسول صلى الله عليه و سلم في مصر للأستاذ أحمد أبو كف)
رحم الله الإمام الحسين رضي الله عنه حفيد سيد الخلق صلى الله عليه و سلم الذي ضرب لنا المثل في من يدافع عن قضية حق و يدفع حياته ثمناً لمبدأ حق رضي الله عنه و أرضاه


الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما


أحفاد النبي صلى الله عليه و سلم
الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما
نسبه رضي الله عنها 
هو الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي، أبوه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأمه السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيدة نساء العالمين، وهو أكبر أولادها فهو أكبر من الحسين رضي الله عنه بسنة كنيته أبو محمد، وهو سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته من الدنيا، وأحد سيدي شباب أهل الجنة.
مولده رضي الله عنه 
ولد في المدينة المنورة في شهر رمضان سنة (3هـ) على أصح الروايات، وسماه أبوه ((حرب)) ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اسمه إلى الحسن، وعق عنه يوم سابعه، وحلق شعره وأمر أن يتصدق بوزن شعره فضة.
نشأ الحسن رضي الله عنه في بيت النبوة متعلقاً بجده رسول الله، وكان أشبه خلق الله به عليه السلام، وخاصة في وجهه ونصف جسمه الأعلى، وكان رسول الله عليه السلام يحبه حباً شديداً ويلاعبه ويداعبه، ويترك له ظهره الشريف ليرتقيه إذا كان ساجداً ويطيل السجود من أجله، وربما أصعده معه على المنبر، وكان يقول عنه: (( إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين )) وكان يدعو له ويقول: (( اللهم أحبه فإني أحبه )).
فضله رضي الله عنه 
وقد جاء في فضله وفضل أخيه الحسين أحاديث كثيرة منها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الحسن والحسين، هذا على عاتقه وهذا على عاتقه وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة حتى انتهى إلينا فقال: من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني.
ورآه رسول الله صلى اله عليه وسلم مرة يضع تمرة من تمر الصدقة في فمه، فنزعها وقال: إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة، وفيه وفي بقية أهله نزلت الآية الكريمة: (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً )) [ الأحزاب / 33 ].
ومن فضائل الحسن في الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما‏‏
وروى أنه قال عن الحسن‏:‏ ‏‏إِن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمين‏
‏ وروي أنه مر بالحسن والحسين وهما يلعبان فطأطأ لهما عنقه وحملهما وقال‏:‏ ‏‏نعم المطية مطيتهما ونعم الراكبان هما
و نشأته رضي الله عنه 
ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسن غلام دون الثامنة، ثم توفيت والدته السيدة فاطمة الزهراء بعد ستة شهور من وفاة الرسول عليه السلام، فكان لهذين الحدثين أثر كبير في تكوين شخصيته، إذ كان بعد ذلك أكثر التصاقاً بوالده .
وقد شهد الحسن رضي الله عنه خلافة أبي بكر وعمر وعثمان قبل خلافة أبيه وأدرك كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأدب بآدابهم وشهد عدداً من الأحداث الكبيرة أولها الفتنة التي ثارت على الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وكان على بابه يدافع عنه حتى تخضب وجهه بالدماء، وشهد مبايعة والده الإمام علي بالخلافة، وما تبعها من الأحداث مثل وقعة الجمل وموقعة صفين، وكان الحسن غير راض عنها
عام الجماعة 
ولما استشهد والده رضي الله عنه، بايعه أهل العراق وخراسان سنة 40هـ بالخلافة، واستمرت خلافته نحو ثمانية أشهر و يقال ستة أشهر ، وكان أول من بايع الحسن قيس ابن سعد بن عبادة الأنصاري فقال‏:‏ أبسط يدك على كتاب الله وسنة رسوله وقتال المخالفين فقال الحسن‏:‏ على كتاب الله وسنة رسوله فإنهما ثابتان وبايعه الناس وكادت الحرب أن تقع بينه وبين معاوية بن أبي سفيان لولا حنكته وبعد نظره
فقد أشار عليه أهل العراق وخراسان بالسير إلى الشام لمحاربة معاوية فأطاعهم وزحف بمن معه. ولما بلغ معاوية قصده بجيش, وتقارب الجيشان في موضع يقال له (مسكن) بناحية الأنبار فهال الحسن أن يقتتل المسلمون
فقبل بعد مفاوضات ومراسلات التنازل عن الخلافة لمعاوية لتكون الخلافة واحدة في المسلمين جميعاً، ولإنهاء الفتنة وإراقة الدماء وقيل كان تسليم حسن الأمر إِلى معاوية في ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وقيل في ربيع الآخر وقيل في جمادى الأولى وعلى هذا فتكون خلافته على القول الأول خمسة أشهر ونحو نصف شهر وعلى الثاني ستة أشهر وكسراً وعلى الثالث سبعة أشهر وكسراً‏.‏
وسمي هذا العام (( عام الجماعة )) لأنه وحد بين المسلمين، فتحققت نبوة جده صلى الله عليه وسلم عندما قال عنه: ((‏:‏ ‏‏إِن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمين))، وكان الحسن يقول: (( ما أحببت أن لي أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أن يراق في ذلك محجمة دم )).
و قد روى سفينة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يعود ملكاً عضوضاً ‏وكان آخر الثلاثين يوم خلع الحسن نفسه من الخلافة
صفاته رضي الله عنه 
كان الحسن رضي الله عنه تقياً ورعاً وشجاعاً صبوراً، أدى به ورعه وفضله إلى ترك الملك والدنيا رغبة فيما عند الله، بنات وكان رضي الله عنه يشبه جده رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأسه إلى سرته
و كان عاقلا حكيما, محبا للخير فصيحا, من أحسن الناس منطقا وبديهة
كما كان جواداً ممدحاً، قاسم الله ماله ثلاث مرات، أي تصدق بنصف ماله، وخرج من ماله كله مرتين، وكان يكثر زيارة بيت الله العتيق، ويروى أنه حج خمساً وعشرين حجة ماشياً وإن الأبل لتقاد معه، وكان يقول إني لأستحي من ربي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته.
له ذكر في كتب الحديث، فقد روى عن جده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن أبيه وأخيه الحسين رضي الله عنهما، وروى عنه خلق كثير، وقد علمه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول في دعاء القنوات: ((اللهم اهدني فيمن هديت … إلى آخر الدعاء))
وفاته رضي الله عنه 
عاش الحسن بقية حياته في المدينة المنورة التي ولد فيها وأحبها، وتوفي رحمه الله سنة 49هـ وفي رواية سنة 50هـ، وله من العمر 47 سنة ويقال 53 سنة ويروى أنه مات مسموماً، ذكر السيوطي والأصفهاني أن الحسن توفي بالمدينة مسموما, سمته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس ولما كان الحسن يحتضر جهد أخوه الحسين أن يخبره بمن سقاه السم فلم يخبره وقال: الله أشد نقمة إن كان الذي أظن, وإلا فلا يقتل بي بريء.
وكان قد أوصى أن يدفن مع جده عليه السلام في حجرة السيدة عائشة، وإن خيف أن يكون قتال. فليدفن في مقبرة البقيع، وهكذا كان فدفن في بقيع الغرقد بجوار أمه السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وصلى عليه سعيد بن العاص أمير المدينة آنئذ، وشهد جنازته جمع غفير من المسلمين رحمه الله ورضي الله عنه.


المراجع
تاريخ أبي الفداء تأليف: الملك المؤيد إسماعيل بن أبي الفداء
موقع مركز بحوث و دراسات المدينة المنورة
موقع الإسلام
جزى الله علماء المسلمين جميعاً خيراً و رزقهم صحبة نبيه في الجنة


السيدة زينب بنت هاشم - عقيلة بني هاشم رضي الله عنها


أحفاد النبي صلى الله عليه و سلم
السيدة زينب بنت هاشم - عقيلة بني هاشم رضي الله عنها
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إني أوشك أن أدعى فاجيب و إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله حبل ممدود من الأرض الى السماء و عترتي أهل بيتي و أن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة فانظروا بما تخلفوني فيهما – رواه الامام أحمد بسنده
نسبها و ميلادها رضي الله عنها 
إسماها جدها صلى الله عليه و سلم زينب إحياء لذكرى ابنته الراحلة زينب التي كانت قد توفيت قبل ولادة الطفلة بقليل والتي حزن الرسول صلى الله عليه و سلم لموتها حزنا مؤلماً ثقيلاً
وقد ولدت رضي الله عنها في المدينة في العام السادس من الهجرة و كانت أمها الزهراء أحب بنات المصطفى اليه و أشبههن به في الخلقة و الخلق و التي كتب لها ان تكون الوعاء الطاهر للذرية الطاهرة و المنبت الطيب لدوحة الأشراف في آل البيت و أبوها علي بن أبي طالب بن هاشم القرشي الهاشمي ابن عم النبي صلى الله عليه و سلم و ربيبه و أول من آمن به صبياً و فتى قريش شجاعة و تقى و علماً
وجداها لأمها : محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم و خديجة بنت خويلد أولى أمهات المؤمنين و أقرب نساء النبي اليه و أعزهن عليه حية و ميتة و التي انفردت بحبه و بيته خمساً و عشرين عاماً
وجد زينب لأبيها هو أبو طالب بن عبد الله عم المصطفى و من كان له بعد ابيه اباً وجدة زينب لأبيها هي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف زوجة عم النبي صلى الله عليه و سلم و أول هاشمية تزوجت هاشمياً وولدت له و قد أدركت النبي صلى الله عليه و سلم فأسلمت و حسن إسلامها و و أوصت له حين حضرتها الوفاة فقبل وصيتها و صلى عليها و نزل في لحدها و أحسن الثناء عليها
ورووا في ترجمتها عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : لما ماتت فاطمة أم علي بن ابي طالب ألبسها رسول الله صلى الله عليه و سلم قميصه و نزل معها في قبرها فقال له الصحابة : يا رسول الله ما رأيناك صنعت بأحد ما صنعت بهذه المرأة
فقال : إنه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبر بي منها
ظلال على المهد 
ولدت رضي الله عنها في العام السادس من الهجرة و قد استقر الامر للمصطفى صلى الله عليه و سلم و عند مولدها سارع المهنئون من بني هاشم و الصحابة يباركون هذه الزهرة المتفتحة إلا ان ظلال حزينة القيت علي المهد الجميل ففي مسند الامام أحمد بن حنبل 1/85 أن جبريل عليه السلام أخبر محمداً بمصرع الحسين و آل بيته في كربلاء
و نقل ابن الاثير في الكامل 4/38 أن النبي صلى الله عليه و سلم أفضى الى أم سلمة رضي الله عنها فلما قتل الحسين رضي الله عنه أعلمت الناس بقتله
وقد روى زهير بن القين البجلي : انه خرج مع جماعة من المسلمين في غزرة فظفروا و أصابوا غنائم فرحوا بها و كان معهم سلمان الفارسي فأشار الى أن الحسين سيقاتل يوماً و يُـقتل ثم قال سلمان لأصحابه : إذا أدركتم سيد شباب أهل محمد فكونوا أشد فرحاً بقتالكم معه منكم بما أصبتم اليوم من الغنائم
وكان الأمام الحسين رضي الله عنه فيما يروى يعلم منذ طفولته بما قدر له كما كان دور أخته زينب حديث القوم منذ ولدت فهم يذكرون ان سلمان الفارسي رضي الله عنه أقبل يهنئ علي رضي الله عنه بوليدته فألفاه واجماً حزيناً يتحدث عما سوف تلقى ابنته بعده
الصبا الحزين 
توفي الرسول صلى الله عليه و سلم و زينب لم تكن قد تجاوزت الخامسة ثم تبعته أمها الزهراء فاطمة فلحقت بأبيها سيد الخلق بعد ستة أشهر وقيل ثلاثة و تصغي زينب يومئذ الى أبيها و قد تمهل عند قبر الزهراء يندبها مودعاً : " السلام عليك يا رسول الله عني و عن ابنتك النازلة في جوارك و السريعة اللحاق بك قَل يا رسول الله عن صفيتك صبري و رق عنها تجلدي إلا أن لي في التأسي بعظيم فرقتك و فادح مصيبتك موضع تعزٍ إنا لله و إنا اليه راجعون فلقد استُرجعت الوديعة و أُخذت الرهينة أما حزني فسرمد و أما ليلي فمسهد الى ان يختار الله أي دارك التي انت بها مقيم و السلام عليكما سلام مودع لا قالٍ و لا سئم فان انصرف فلا عن ملالة و ان أُقم فلا عن سوء طن بما وعد الله الصابرين وقد أوصت الزهراء رحمها الله تعالى ابنتها زينب ان تصحب أخويها و ترعاهما و تكون لهما من بعدها أما
وهكذا شغلت زينب رضي الله عنها مكان الام و لما تبلغ العاشرة من عمرها فقد أنضجتها الاحداث و هيأتها لان تشغل مكان الراحلة الكريمة فتكون اما للحسن و الحسين و أم كلثوم و هي أم لا تعوزها عاطفة الامومة بكل ما فيها من حنو و إيثار و إن أعوزتها التجربة و الاختيار
صفاتها رضي الله عنها 
كانت السيدة زينب رضي الله عنها صوامة قوامه تقضي أكثر لياليها متهجدة تتلو القرآن و لم تترك ذلك حتى في كربلاء و الدليل على ذلك أنه يروى أن الامام الحسين رضي الله عنه لما ودعها الوداع الاخير ليلة كربلاء قال لها : يا أختاه لا تنسيني في نافلة الليل
كما كانت رضي الله عنها لبيبة عاقلة و كانت رضي الله عنها في البلاغة و الزهد و الشجاعة قرينة أبيها الامام علي رضي الله عنها و امها الزهراء و اتخذت طوال حياتها تقوى الله بضاعة و كان لسانها رطباً دائماً بذكر الله
و كانت رضي الله عنها تجمع بين جمال الطلعة و جمال الطوية كما يقول الجاحظ في البيان و التبيين : إنها كانت تشبه أمها لطفاً و رقه و تشبه أباها علماً و تقى و وصفها ابن أيوب الانصاري حين شاهدها في كربلاء حاسرة الرأس بقوله : فوالله ما رأيت مثل وجهها كأنه شقة القمر
القابها رضي الله عنها 
فهي (أم العزائم) : لعزيمتها القوية في طاعة الله تعالى و تقواه
و هي (أم هاشم) : لأنها كانت كريمة سخية كجدها هاشم
و هي (صاحبة الشورى) : لرجوع أبيها و أخوتها لها في الرأي
و هي (أم العواجز) : لأن دارها كانت مأوى للعجزة و الضعفاء
و هي (رئيسة الديوان) : لانها لما جاءت مصر كان واليها و علماؤها يعقدون جلساتهم في دارها و تحت رئاستها
وقال عنها ابن أخيها علي بن الحسين رضي الله عنه : أنت بحمد الله عالمة غير معلمة و فهمة غير مفهمة و هو يقصد بذلك أن علمها هو مما منح و فتح به على رجالات بيتها الرفيع و أفيض عليها الهاماً
و قال عنها الامام الحسين رضي الله عنه : أنعم بك يا طاهرة حقاً إنك من شجرة النبوة المباركة و من معدن الرسالة الكريمة
عقيلة بني هاشم 
تزوجت السيدة زينب رضي الله عنها من عبد الله بن جعفر رضي الله عنه و كان أبوه جعفر بن ابي طالب ذو الجناحين و أبو المساكين و شقيق علي رضي الله عنه و حبيب النبي صلى الله عليه و سلم الذي قبله النبي يوم فتح خيبر وهو عائد من الحبشة فقال صلى الله عليه و سلم : ما أدري بأيهما انا أشد فرحاً : بقدوم جعفر أم بفتح خيبر ؟
و أم عبد الله بن جعفر هي أسماء بنت عميس أخت ميمونة أم المؤمنين و سلمى زوج حمزة بن عبد المطلب و لبابة زوج العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنهم أجمعين
و أسند الامام أحمد عن عبد الله بن جعفر قال : لقد رأيتني و قثم و عبد الله ابني العباس و الزبير و نحن صبيان نلعب اذ مر رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ارفعوا هذا الي فحملني أمامه و قال لقثم : أرفعوا هذا الي فحمله وراءه ثم مسح على رأسي ثلاثا كلما مسح قال : اللهم اخلف جعفرا في ولده و قد كان عبد الله بن جعفر سيداً شهماً كريماً لا يبيع معروفا و لا يرد سائلاً
و قد ولدت زينب بنت الزهراء لعبد الله بن جعفر فتاتين و اربعة بنين : علياً و محمداً و عوناً الاكبر و عباساً
و لم يفرق الزواج بين زينب و ابيها و اخوتها فقد بلغ من تعلق الامام علي رضي الله عنه بابنته و ابن أخيه ان ابقاهما معه حتى اذا ولي أمر المسلمين و انتقل الى الكوفة انتقلا معه فعاشا في دار الخلافة موضع رعاية أمير المؤمنين
وقد وقف عبد الله بجانب عمه في نضاله فكان أميراً من امراء الجيش في موقعة صفين
و تمسك المراجع التاريخية عن وصف صورتها رضي الله عنها في تلك الفترة غير انها ستخرج من خدرها بعد عشرات السنين في محنة كربلاء
حادثة كربلاء 
بعد قتل أمير المؤمنين الامام علي رضي الله عنه و تنازل الحسن رضي الله عنه عن الخلافة حقناً للدماء ثم انصرف رضي الله عنه الى المدينة فأقام بها ثماني سنوات ثم توفي رضي الله عنه فشيعته أخته السيدة زينب رضي الله عنها
و مضت ست سنوات على وفاة سيدنا الحسن رضي الله عنه حتى دعا معاوية رضي الله عنه جهراً بالدعوة الى ابنه يزيد من بعده فرفض الامام الحسين رضي الله عنه البيعة حتى لا تكون قاعدة ان يكون الحكم وراثياً في الاسلام
وعاش معاوية رضي الله عنه بعد اخذه البيعة لابنة والامام الحسين رضي الله عنه عند موقفه لا يرضى ان يعترف بيزيد ولي عهد الامة و قد شجع الناس رفض الحسين رضي الله عنه بيعة يزيد فتقاطرت عليه الرسل من المسلمين عامة و أهل الكوفة يبايعون الحسين رضي الله عنه بالخلافة فاعتزم الحسين رضي الله عنه الخروج من مكة -التي كان قد مكث بها أربعة أشهر- الى الكوفة و لكن الحسين رضي الله عنه حفيد المجاهد الأعظم رسول الله صلى الله عليه و سلم أبى أن يبقى في مكة فقد قال له عبد الله بن الزبير : لو أقمت بالحجاز ثم أردت هذا الامر –أي الخلافة- هنا لما خالفناك و إنما ساعدناك و بايعناك و نصحناك
فيرد الحسين المجاهد رضي الله عنه : إن أبي حدثني أن لها –أي مكة المكرمة- كبشاً تستحل به حرمتها فما أحب أنا أن أكون هذا الكبش
وقبل أن يرحل الحسين رضي الله عنه الى الكوفة أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل ليمهد له و يتحاور مع أهل الكوفة و يرى إن كانوا جادين فيذهب مسلم و يرسل من يقول للحسين أن تعال الى الكوفة فالكل على بيعتك
و علم يزيد بن معاوية بما يحدث فغير والي الكوفة النعمان بن بشير ليأتي بدلاً منه عبد الله بن زياد و تضم البصرة اليه و كان عبد الله من ام مجوسية تدعى مرجانة و كان الكن اللسان و هو من أعوان يزيد الذين قال وصفهم العقاد في كتابه (أبو الشهداء الحسين بن علي) بقوله : جلادين و كلاب طراد في صيد كبير
وقد استخدم عبد الله بن زياد مع أهل الكوفة صنوف الإرهاب و القتل و الصلب حتى انفضوا عن مسلم بن عقيل فيسرع في ارسال من يخبر الحسين رضي الله عنه الا يأتي الى الكوفة لكن أعوان عبد الله بن زياد قبضت عليهم فلم تصل الرسالة الى الحسين رضي الله عنه و أرسل ابن زياد سبعين رجلاً الى الدار التي اختبأ بها مسلم فقاتلهم مسلم قتالاً عظيماً و أخرجهم من الدار مراراً الى ان أثخن بجراحه و اخذ اسيراً ثم ضربت عنقه في قصر ابن زياد
سار الحسين رضي الله عنه و صحبه الى الكوفة و رأوا على البعد ألف فارس على رأسهم الحر بن يزيد الرياهي و كان أصحاب الحسين 72 أو 82 كما يقولون و لكن الحر لم يأتي للقتال و لكن ليصاحب الحسين الى الكوفة و قد حاول تحذبر الحسين رضي الله عنه فقال له : لئن قاتلت لتقتلن و لكن المقاتل المجاهد يأبى التراجع عن مبدأه و يأمر عبد الله بن زياد الحر بن يزيد الرياهي بألا ينزل الحسين الا بالعراء في غير حصن و على غير ماء و يأبى الحسين رضي الله عنه ان يأخذ بنصيحة القائل بأن يبدأ بقتال جيش الحر و لكنه رضي الله عنه أبى ان يبدأ بقتال و هكذا أخلاقيات بيت النبوة
و لما علم الحر بن يزيد الرياهي ان المراد قتل الحسين رضي الله عنه ترك الجيش وتاب الى الله تعالى و قال للحسين رضي الله عنه : ما ظننت القوم يريدون عليك ما عرضته عليهم ووالله لو علمت أنهم ينتهون بك الى ما أرى ما ركبت مثل الذي ركبت و إنيتائب الى الله مما صنعت فهل ترى لي من توبة ؟ فسامحه الحسين رضي الله عنه و قد قاتل الحر مع الحسين رضي الله عنه حتى قتل
وضيق جند عبد الله على الحسين و من معه حتى أوصلوهم كربلاء و هناك حبسوا عن الحسين و أصحابه الماء ثلاثة أيام أو يزيد و منهم الاطفال و النساء. لقد رأى الحسين رضي الله عنه ولده عبد الله يتلوى من الالم و العطش و قد بح صوته من البكاء فحمله على يديه يهم ان يسقيه و يقول للظالمين : اتقوا الله في الطفل ان لم تتقوا الله فينا فأوتر رجل من نبالة الكوفة قوسه و رمى الطفل بالسهم و هم يصيح ليسمعه الجند : خذ اسقه هذا فنفذ السهم الى احشاء الطفل و هم بين يدي والده
وبعد قتال قتل ذكور بيت النبي صلى الله عليه و سلم في كربلاء و لم يبق منهم سوى الصبي علي زين العابدين استشهد الحسين رضي الله عنه و لما يمض على موت رسول الله صلى الله عليه و سلم خمسون عاماً و قطعوا الرءوس و رفعوها على الحراب أمامهم و تركوا الجثث ملقاة على الارض لا يدفنونهم و لا يصلون عليهم كما صلوا على جثث قتلاهم و صاحت السيدة زينب رضي الله عنها : يا محمداه هذا الحسين بالعراء و بناتك سبايا و ذريتك مقتلة مسفى عليهم الصبا
و لكن الله العلي القدير المنتقم الجبار يأبى الا ان ينتقم لابناء النبي صلى الله علبه و سلم فلم تمض على مربلاء إلا أربع سنوات حتى مات يزيد و هو يسابق قردا فوقع من فوق حصانه و مات
و خرج من أهل الكوفة جماعة التوابين و داعيتهم المختار بن أبي عبيد الثقفي و أقسموا الا يتركوا واحداً من قاتلي الحسين أما عبد الله بن زياد فقتل و أحرق و أما بن ذي الجوشن -الذي أمر الرماة أن يرشقوا الحسين رضي الله عنه بالنبل- القيت أشلاءه للكلاب و كان مصير كل من شارك في هذه المقتلة الذبح و السحل و الحرق و الصلب و قد بلغ انتقام جماعة التوابين حداً فاق مذابح كربلاء
أما عن السيدة زينب رضي الله عنها في كربلاء فقد كانت تضمد الجرحى و تسقي العطشى و ترعى أبناء و بنات المقاتلين و تحمس الجند و قد حفظ لها التاريخ رعايتها لمن فقدوا آبائهم في كربلاء فقد وقفت بجوارهم الى آخر رمق في الحياة و تقول الدكتورة عائشة عبد الرحمن : إن الدور الذي لعبته السيدة زينب بنت علي هو الذي جعل من كربلاء مأساة خالدة و يؤثر عنها رضي الله عنها انها لما سمعت صيحة أخيها في الجند صبيحة المعركة خرجت من خيمتها تحمس الجند و تثير فيهم النخوة فقالت : أيها الطيبون الأحرار دافعوا عن بنات رسول الله صلى الله عليه و سلم و حرائر المؤمنين
و حين دخلت على ابن زياد في الكوفة بعد المعركة وقال لها : الحمد لله الذي فضحكم و أكذب أحدوثتكم
ردت عليه رضي الله عنها بشجاعة قائلة : الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه صلى الله عليه و سلم و طهرنا من الرجس تطهيراً إنما يفتضح الفاجر و يكذب الفاسق و هو غيرنا
فلم يصبر ابن زياد على قولها بل رد عليها مغتاظاً : كيف رأيت صنع الله في بيتك و أخيك ؟
فقالت رضي الله عنها : ما رأيت إلا خيراً هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتال فبرزوا الى مضاجعهم و سيجمع الله بينك و بينهم فتحاج و تخاصم فانظر لمن الفلح يومئذ ثكلتك أمك يا ابن مرجانة
فقال : لقد شفى الله قلبي من طاغيتك و العصاة المردة من أهلك
فترد رضي الله عنها : لعمري قد قتلت كهلي و أبرت أهلي و قطعت فرعي و اجتثثت اصلي فان يشفيك هذا فقد اشتفيت
فقال في غيظ : هذه سجاعة لقد كان أبوها سجاعاً شاعراً
فقالت رضي الله عنها : يا ابن زياد ما للمرأة و السجاعة و إن لي عن السجاعة لشغلاً و غني لأعجب من ممن يشتغل بقتل أئمته و يعلم أنهم منتقمون منه في آخرته
بطلة كربلاء 
عادت السيدة زينب رضي الله عنها الى المدينة المنورة و في المدينة أخذت تعتلي المنابر و تخطب في الناس و تكشف حقيقة ما حدث في كربلاء فهيجت المشاعر والهبت الجماهير على بني أمية فاستنجد والي المدينة بيزيد بن معاوية خوفاً من غضب الناس فأمر يزيد أن تغادر السيدة زينب المدينة المنورة الى حيث تشاء من أرض الله ماعدا مكة المكرمة وتجتمع عليها نساء بني هاشم لترحل خوفاً عليها فاختارت مصر داراً لاقامتها لما سمعته عن أهلها من حب آل البيت
وقد أصطحبت معها الى مصر بعض أهل البيت الكرام و منهم –كما يروي البعض- السيدة فاطمة ابنة الامام الحسين رضي الله عنه و أختها سكينة قال بهذا محمد بن عبد الله بن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن الحسن بن الحسين رضي الله عنهم جميعاً
مصر تحتضن عقيلة بني هاشم 
عندما علم والي مصر مسلمة بن مخلد الانصاري خرج هو و جماعة من أصحابه و رهط كبير من الاعيان و التجار و الوجهاء ليكونوا في شرف استقبالها وحين و صل الركب عزاها مسلمة و بكى و بكت و بكى الحاضرون و استقبلها الشعب المصري استقبالا عظيماً يليق بمقامها العظيم
و قد أنزلها الوالي في داره بالحمراء القصوى عند قنطرة السباع و هو المكان الذي فيه ضريحها الآن في شعبان الموافق 26 أبريل سنة 681 ميلادياً و كان قد مضى على استشهاد الحسين رضي الله عنه ستة أشهر و عدة أيام


و أقامت في هذه الدار أحد عشر شهراً فكان بيتها قبلة للزائرين حتى لاقت ربها عشية الاحد الرابع عشر من رجب سنة 62هـ الموافق 27 مارس 682 ميلادياً و دفنت رضي الله عنها حيث أقامت في دار مسلمة بن مخلد الانصاري و كان ضريحها أول ضريح لآل البيت رضي الله عنهم أجمعين في مصر

السيدة فاطمة رضي الله عنها


بنات النبي صلى الله عليه و سلم
السيدة فاطمة رضي الله عنها
ميلادها رضي الله عنها 
هي فاطمة بنت محمد رضي الله عنها و أمها خديجة خير النساء صاحبة الفضل العظيم و المقام الرفيع هي سيدة نساء العالمين في زمانها أم الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة عليهما السلام ولدت قبل البعثة بقليل وكانت صغرى بنات النبي صلى الله عليه و سلم وأرضعتها السيدة خديجة رضي الله عنها
و هي الوحيدة من بنات النبي صلى الله عليه و سلم التي توفيت بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم وكانت رضي الله عنها شديدة الشبة برسول الله صلى الله عليه و سلم وسماها أم أبيها
جهاد منذ الطفولة 
كتب للسيدة فاطمة رضي الله عنها ان تشهد الجهاد الاعظم منذ طفولتها الباكرة ففي أحد الايام كانت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في الحرم وبينما هو صلى الله عليه و سلم ساجد اذ يحيط به ناس من مشركي قريش وجاء عقبة بن ابي معيط بسلى جزور وقذفه على ظهر النبي صلى الله عليه و سلم فلم يرفع رسول الله صلى الله عليه و سلم رأسه حتى تقدمت ابنته فأخذت السلى ودعت على من صنع ذلك بأبيها
وعندئذ رفع المصطفى صلى الله عليه و سلم رأسه وقال: اللهم عليك الملأ من قريش اللهم عليك أبا جهل بن هاشم وعتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة وعقبة بن ابي معيط وابي بن خلف..فخشع المشركون لدعائه وغضوا أبصارهم حتى انتهى من صلاته وانصرف الى بيته تصحبه ابنته فاطمة وما هي الا أعوام قليلة وترى فاطمة رضي الله عنها هؤلاء الملأ قتلى في بدر
حب رسول الله صلى الله عليه و سلم 
خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما الى قريش وقد نزل قوله تعالى: "وأنذر عشيرتك الاقربين"فجعل ينادي : يا معشر قريش اشتروا انفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا
يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا
ويا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا
ويا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئا
وخفق قلب فاطمة حنانا و تأثرا فهمست تقول: لبيك يا أحب وأكرم داع
وسارت بين الناس مرفوعة الهامة وكأنما ازدهاها ان يختارها أبوها صلى الله عليه و سلم من بين اهل بيته جميعا ليؤكد للبشر انه لا يغني من الله شيئا عن أعز الناس عنده و أحبهم اليه و ادناهم منه
وفي صحيح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:انما فاطمة بضع مني يؤذيني ما آذاها ويريبني ما رابها
وقال صلى الله عليه و سلم:خير نساء العالمين أربع مريم واسية وخديجة و فاطمة
وقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم:ان الله يرضى لرضالك ويغضب لغضبك
وعن ابن جريج قال:قال لي غير واحد كانت فاطمة أصغر بنات النبي صلى الله عليه و سلم وأحبهن اليه
غضب رسول الله صلى الله عليه و سلم لها 
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يحبها ويكرمها وعندما جاء بنو هاشم بن المغيرة-أبو جهل-يستأذنونه صلى الله عليه و سلم ان ينكحوا لبنتهم لزوج ابنته علي بن ابي طالب وكان قد خطبها فلم يأذن وقال صلى الله عليه و سلم على المنبر:ان بني هاشم بن المغيرة استأذنوا ان ينكحوا ابنتهم علي بن ابي طالب فلا آذن لهك الا ان يحب ابن ابي طالب ان يطلق ابنتي وينكح ابنتهم فانما ابنتي فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها-رواه مسلم
وفي رواية انه صلى الله عليه و سلم قال:أما بعد فاني أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدثني فصدقني وان فاطمة بنت محمد مضغة مني وانما أكره ان يفتنوها ونها والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد أبدا-رواه مسلم فترك علي هذه الخطبة واسترضى زوجته وقال لها:والله لا اتي شيئا تكرهينه أبدا
جهادها رضي الله عنها 
كانت السيدة فاطمة رضي الله عنها مع ابويها في شعب ابي طالب حيث عاشت هناك في حصار منهك سنين عديدة
ثم عادت من الحصار الى مكة لتشهد موت أمها رضي الله عنها ثم هاجر ابوها الى يثرب وبقيت فاطمة مع أختها أم كلثوم في مكةحتى جاء رسول من عند النبي صلى الله عليه و سلم ليصحبها الى المدينة المنورة
وقد خرجت السيدة فاطمة رضي الله عنها مع نساء المسلمين يوم أحد لمداواة الجرحى وسقايتهم ولما رأت رسول الله صلى الله عليه و سلم وقد انكسرت رباعيته وسال الدم على وجهه الشريف فجرت عليه واعتنقته واخذت تمسح الدم من على وجهه الشريف ولما وجدته لا يتوقف حرقت حصيرا ومنعت به الدم فامتنع واخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول:أشتد غضب الله على قوم دموا وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم
زواجها رضي الله عنها 
وفي المدينة تأخا رسول الله صلى الله عليه و سلم و علي بن ابي طالب وقد كان علي رضي الله عنه قد تربى في كنف رسول الله صلى الله عليه و سلم وعن خطبته لفاطمة رضي الله عنها قال علي رضي الله عنه
خطبت فاطمة من رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت مولاة لي:هل علمت ان فاطمة خطبت من رسول الله صلى الله عليه و سلم قلت:لا
قالت:فقد خطبت فما يمنعك ان تأتي رسول الله صلى الله عليه و سلم فيزوجك بها
فقلت:وعندي شئ اتزوج به ؟
قالت:انك ان جئت رسول الله صلى الله عليه و سلم زوجك
فوالله ما زالت ترجيني حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم وكانت لرسول الله صلى الله عليه و سلم جلالة و هيبة فلما قعدت بين يديه أفحمت فوالله ما أستطيع ان أتكلم فقال:ما جاء بك؟ الك حاجة؟ فسكت
فقال:لعلك جئت تخطب فاطمة؟
قلت:نعم
قال:وهل عندك من شئ تستحلها به؟
فقلت:لا والله يا رسول الله
فقال:ما فعلت بالدرع الذي سلكتها؟
فقلت: عندي والذي نفس علي بيده انها لحطمية ما ثمنها أربعمائة درهم
قال:قد زوجتك فابعث بها وكانت صداق بنت رسول الله
وكانا رضي الله عنهما خير زوجين وصار يضرب بهما المثل فيقال:اذا اردت ان تتزوج فاطمة فلابد ان تكون عليا أي اذا اردت ان تتزوج من هي مثل فاطمة رضي الله عنها فكن انت مثل علي رضي الله عنه
ولما كان البناء قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لعلي: لا تحدثن شيئا حتى تلقاني فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم بماء فتوضأ منه ثم أفرغ على علي وقال:اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في نسلهما
وفي رواية انه صلى الله عليه و سلم قال لابنته:يا فاطمة أما اني ما اليت ان انكحتك خير أهلي
ويروى انه قد حدث بينهما رضي الله عنهما خلاف مما يحدث بين الزوجين فأصلح بينهما رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان قد دخل عليهما باسر الوجه وخرج صلى الله عليه و سلم وقد امتلأ وجهه بشرا فقيل له:يا رسول الله دخلت وأنت على حال وخرجت ونحن نرى البشر في وجهك فقال صلى الله عليه و سلم:وما يمنعني وقد أصلحت بين أحب أثنين الي
السيدة فاطمة رضي الله عنها في بيت الزوجية 
لم تكن حياة السيدة فاطمة رضي الله عنها في بيت زوجها مترفة ولا ناعمة بل كانت أقرب الى ان توصف بالتقشف والخشونة لان علي رضي الله عنه لم يكن ذا حظ من مال موروث او مكتسب وابوه –على عظم مكانته- كان قليل المال كثير العيال لكن عليا رضي الله عنه لم يكن يهون عليه ان يراها هكذا كادحة مجهدة فحاول ان يساعدها في بعض أعمال البيت ما مكنته ظروفه من ذلك
وقد دخلت رضي الله عنها بيت الزوجية لا بالفراش الوثير وانما بخميلة ووسادة أدم حشوها ليف ورحاءين وسقاءين وجرتين وشئ من العطر و الطيب
وروي ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد فتح الله عليه وجاءته غنائم وسبايا في احدى الغزوات فقال لها زوجها:لقد شقوت يا فاطمة حتى اسليت صدري وقد جاء الله بسبي فاذهبي فالتمسي واحدة تخدمك
فقالت:وانا والله لقد طحنت حتى أثر ذلك في يدي
ثم أتت النبي صلى الله عليه و سلم فقال:ما جاء بك وما حاجتك
قالت:جئت لأسلم عليك وأرخى عليها الحياء ستارا فلم تطلب منه شيئا وعادت
فقال لها علي:ما فعلت
قالت:استحييت ان اسأله فرجعت
فقاما وانطلفا الى رسول الله صلى الله عليه و سلم وشكيا له حالهما وطلبا ان يهب لهما خادما فقال لهما النبي صلى الله عليه و سلم:والله لا اعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم لا أجد ما انفق عليهم ولكني ابيعهم وانفق عليهم اثمانهم وانصرفا شاكرين راضيين بأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم وما يدريان ان شكواهما مست قلب الاب الرحيم وشغلته نهاره كله
وجن الليل وكان البرد قارسا فرقدا في فراشهما الخشن وقد انكمشا في غطائهما اذا غطيا رأسيهما بدت أقدامهما واذا غطيا أقدامهما انكشفت رأساهما فجاءهما رسول الله صلى الله عليه و سلم فهبا للقاء الرسول صلى الله عليه و سلم فابتدرهما رسول الله صلى الله عليه و سلم قائلا:مكانكما
وقال لهما:الا اخبركما بخير مما سألتمتني
فأجابا:بلى يا رسول الله
قال:كلمات علمنيهن جبريل تسبحان دبر كل صلاة عشرا وتحمدان عشرا وتكبران عشرا واذا اويتما الى فراشكما تسبحان ثلاثا و ثلاثين وتحمدان ثلاثا و ثلاثين وتكبران ثلاثا وثلاثين ثم ودعهما ومضى
ميلاد الحسن و الحسين رضي الله عنهما 
وقد بشرت الزهراء رضي الله عنها بميلاد الحسن رضي الله عنه عندما رأت أم الفضل في منامها رؤيا ان عضوا من اعضاء رسول الله قطع و القي في بيتها فقصت رؤياها لرسول الله فقال لها:خيرا رأيته تلد فاطمة غلاما فترضعينه
وعندما حانت ساعة المخاض طلب رسول الله صلى الله عليه و سلم من أم سلمة و أم رومان ان يحضرا فاطمة فلما وضعت دخل عليها رسول الله فجاءهما رسول الله صلى الله عليه و سلم واتوه بالطفل ملفوفا في خرقة صفراء فرمى بها وقال الم انهكما ان تلفوا الولد في خرقة صفراء فلفوه بخرقة بيضاء وسلموه لرسول الله فجاءهما رسول الله صلى الله عليه و سلم فقطع سرته ودعا قائلا:اللهم اني اعيذه بك وولده من الشيطان الرجيم
وفي اليوم السابع قدم عليهم رسول الله فجاءهما رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال:أروني ابني ما سميتموه فقال علي:حربا
فقال فجاءهما رسول الله صلى الله عليه و سلم:بل هو حسن
ونحر رسول الله صلى الله عليه و سلم كبشا وصنع العقيقة للحسن
وفي العام القابل ولدت فاطمة رضي الله عنها حسينا لتكون أم الحسنين سيدا شباب أهل الجنة وينزل قوله تعالى:انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم فاطمة و الحسين وقال:اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا-قالها ثلاثا ثم قال:اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على ال محمد كما جعلتها على ال ابراهيم انك حميد مجيد
ميلاد زينب رضي الله عنها 
وفي العام الخامس من الهجرة ولدت السيدة فاطمة رضي الله عنها ابنتها فأسماها جدها صلى الله عليه و سلم زينب تحية لذكرى خالتها رضي الله عنها
ثم ولدت السيدة فاطمة رضي الله عنها بعد عامين من مولد زينب ابنتها الثانية فأسماها رسول الله صلى الله عليه و سلم أم كلثوم ولكنها توفيت بعد عامين
فاطمة رضي الله عنها ووفاة الرسول صلى الله عليه و سلم 
وعندما مرض رسول الله صلى الله عليه و سلم مرضه الاخير كانت السيدة فاطمة رضي الله عنها بجانبه ملازمة له وكان ان أسر لها رسول الله صلى الله عليه و سلم سرا فبكت ثم اسر لها ثانية فضحكت فسألتها السيدة عائشة رضي الله عتها عن ذلك فأبت ان تخبرها
فلما توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم اخبرتها انه قال لها:ان جبريل كان يزوره كل عام في رمضان يعارضه بالقران مره وانه هذه السنة عارضه بالقران مرتين وانه يحسب ان ذلك لدنو اجله فبكت من ذلك فلما رأى تأثرها الشديد قال لها:وانك أول أهل بيتي لحوقا بي أما ترضين ان تكوني سيدة نساء العالمين او سيدة نساء هذه الامة فضحكت عليها السلام ثم ما شوهدت بعد ذلك ضاحكة حتى توفاها الله تعالى وكانت كما بشرها رسول الله صلى الله عليه و سلم أقرب أهل بيته لحوقا به
الزهراء رضي الله عنها وأبي بكر الصديق رضي الله عنه 
وقد حدث خلاف بين الزهراء وابي بكر عندما طلبت ميراثها من ابيها فقال لها الصديق انه قد سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول:نحن معشر الانبياء لا نورث ما تركناه صدقة وهو في الصحيح فوجدت لذلك وقاطعته ثم انها لما مرضت استأذن عليها وزوجها حاضر فقالت له:أتحب ان اذن له
فقال لها:نعم
فقالت:فافعل
فدخل عليها ابو بكر رضي الله عنه واسترضاها حتى رضيت
وفاتها رضي الله عنها 
ولما حان أجلها رضي الله عنها يوم الاثنين الثاني من شهر رمضان سنة احدى عشرة عانقت أهلها ثم دعت اليها أم رافع مولاة ابيها صلى الله عليه و سلم فقالت لها بصوت واهن: يا امه اسكبي لي غسلا واغتسلت كأحسن ما كانت تغتسل ثم لبست ثيابا لها جددا كانت قد نبذتها حدادا ثم قالت لام رافع:اجعلي فراشي في وسط البيت فلما فعلت اضطجعت عليه واستقبلت القباة ثم نامت رضي الله عنها وارضاها وتوفيت رضي الله عنها بعد وفاة ابيها بستة أشهر
وكانت رضي الله عنها قد خافت ان تنكشف في نفسها فأشارت اليها أسماء بنت عميس بما رأته في الحبشة من نعوش تستر المرأة فاستحسنت ذلك وقالت لها:اذا مت فغسليني انت ودعت لها قائلة:سترك الله كما سترتني
وقد أوصت زوجها رضي الله تعالى عنه قبل وفاتها ان يتزوج من أمامة بنت أختها زينب برا بها رضي الله عن السيدة فاطمة أم أبيها والحقها بابيها في الجنة والحقنا بهم جميعا ان شاء الله

السيدة أم كلثوم رضي الله عنها


بنات النبي صلى الله عليه و سلم
السيدة أم كلثوم رضي الله عنها
ميلادها رضي الله عنها 
هي أم كلثوم بنت محمد رضي الله عنها و أمها خديجة خير النساء صاحبة الفضل العظيم و المقام الرفيع
اسلامها رضي الله عنها 
أسلمت أم كلثوم رضي الله عنها مع ال بيت النبي صلى الله عليه و سلم مع أمها خديجة عليها السلام واخواتها جميعا
زواجها رضي الله عنها 
لما بلغت أم كلثوم رضي الله عنها وأختها رقية عليهما السلام مبلغ الزواج خطبهما أبو طالب لابني أخيه عبد العزى (أبي لهب) عتيبة وعتبة فوافق رسول الله صلى الله عليه و سلم لما لأبو طالب من مكانة عنده صلى الله عليه و سلم ولان الخاطبين ابنا عمه وقد خطبت أم كلثوم لعتيبة
طلاقها رضي الله عنها 
ما كاد رسول الله صلى الله عليه و سلم يتلقى رسالة ربه تعالى ويدعو الى دين الحق حتى بدأت قريش حربها ضده صلى الله عليه و سلم فاجتمع سادة قريش وقالوا : انكم قد فرغتم محمدا من همه فردوا عليه بناته فاشغلوه بهن
وذهب سادة قريش الى اصهار رسول الله صلى الله عليه و سلم الثلاثة وقالوا لهم واحدا بعد الاخر : فارق صاحبتك ونحن نزوجك أي امرأة من قريش شئت فأبى أبو العاص زوج زينب الكبرى رضي الله عنها وعنه اما اغبنا ابي لهب فاستجابا على الفور وكان ابو لهب قد قال لابنيه : رأسي من رأسيكما حرام ان لم تطلقا ابنتي محمد
ولم يكتف عتيبة بل تمادى فاذى رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم تمنعه حمية القرابة فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم قائلا : اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فعدا عليه السبع في تجارة له وأكل رأسه من بين الناس واستجاب الله تعالى لدعوة نبيه صلى الله عليه و سلم
جهادها رضي الله عنها 
بعد ان طلقها عتيبة عاشت السيدة أم كلثوم رضي الله عنها مع والديها ثم تزوجت اختها السيدة رقية وهاجرت الى الحبشة وبقيت السيدة ام كلثوم مع اختها الصغرى فاطمة وهكذا عاشت رضي الله عنها في صميم معركة الاضطهاد الاولى ثم أسلم حمزة بن عبد المطلب و عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فطار صواب قريش وقاطعوا بني هاشم وحاصروهم في شعب ابي طالب وعاش المسلمون وقد بلغ بهم الجوع مبلغه وكانت أم كلثوم رضي الله عنها صابرة محتسبة تراعي امها السيدة خديجة رضي الله عنها و ارضاها التي كانت قد انهكتها الاحداث وأحست دنو أجلها
ثم توفيت المجاهدة العظيمة خديجة رضي الله عنها وصبرت ابنتيها المجاهدتان أم كلثوم وفاطمة ووقف الاب الحزين والزوج المكلوم صلى الله عليه و سلم يواسي بناته
ويتمادى كفار قريش في ايذاء النبي صلى الله عليه و سلم وذات يوم يعترض طريقه احد الاوغاد فنثر على رأسه الشريف ترابا فدخل رسول الله صلى الله عليه و سلم الى بيته فأقبلت عليه أم كلثوم لتغسل عنه التراب وهي تبكي فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا تبكي يا بنية ان الله مانع اباك
ثم هاجر رسول الله صلى الله عليه و سلم الى المدينة وترك ابنتيه ام كلثوم و فاطمة عند زوجته السيدة سودة رضي الله عنها حتى وصل رسول الله صلى الله عليه و سلم الي المدينة ثم ما لبث زيد بن حارثة ان أقبل ليصحب أم كلثوم و فاطمة و ال ابي بكر الى دار الهجرة
زواجها رضي الله عنها من عثمان رضي الله عنه 
شهدت أم كلثوم عودة ابيها منتصرا من بدر ثم وفاة اختها رقية يوم النصر وفي أحد الايام رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم صاحبه عثمان مهموما فقال له : مالي اراك مهموما؟
فقال : يا رسول الله وهل دخل على أحد ما دخل علي ماتت ابنة رسول الله صلى الله عليه و سلم التي كانت عندي وانقطع ظهري وانقطع الصهر بيني و بينك
فبينما هو يحاوره اذ قال النبي صلى الله عليه و سلم :يا عثمان هذا جبريل عليه السلام يأمرني عن الله عز و جل أن أزوجك أختها أم كلثوم على مثل صداقها وعلى مثل عشرته فزوجه اياها فكانت تانور الثاني لعثمان –ذي النورين-رضي الله عنه وبقيت عنده ست سنوات ولم تنجب له
وفاتها رضي الله عنها 
ثم داهم المرض بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم فلزمت الفراش حينا ثم ماتت في شهر شعبان سنة تسع من الهجرة وتألم الاب صلى الله عليه و سلم وحزن حزنا شديدا وأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أم عطية ان تغسلها وترا واعطاها ازاره لتكفنها به
وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم حين اراد انزالها قبرها : لا ينزل قبرها أحد قارف أهله الليلة أفيكم أحد لم يقارف أهله الليلة ؟
فقال أبو طلحة رضي الله عنه : أنا يا رسول الله
فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : انزل
وبعد ان دفنها رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لذي النورين الحزين لموت زوجته الحبيبة ولانقطاع نسبه من رسول الله صلى الله عليه و سلم : لو كانت عندنا ثالثة لزوجناكها يا عثمان
رحم الله السيدة أم كلثوم رضي الله عنها نعم الزوجة والمجاهدة وجمعنا واياها في الجنة ان شاء الله تعالى ورزقنا جميعا حب ال بيت النبي صلى الله عليه و سلم


السيدة رقية رضي الله عنها


بنات النبي صلى الله عليه و سلم
السيدة رقية رضي الله عنها
ميلادها رضي الله عنها 
هي ثانية بنات رسول الله صلى الله عليه و سلم المهاجرة العظيمة صاحبة الهجرتين بنت محمد رضي الله عنها و أمها خديجة خير النساء صاحبة الفضل العظيم و المقام الرفيع
اسلامها رضي الله عنها 
أسلمت رقية رضي الله عنها مع ال بيت النبي صلى الله عليه و سلم مع أمها خديجة عليها السلام واخواتها جميعا
زواجها رضي الله عنها 
لما بلغت رقية رضي الله عنها وأختها أم كلثوم عليهما السلام مبلغ الزواج خطبهما أبو طالب لابني أخيه عبد العزى (أبي لهب) عتبة و عتيبة فوافق رسول الله صلى الله عليه و سلم لما لأبو طالب من مكانة عنده صلى الله عليه و سلم ولان الخاطبين ابنا عمه
طلاقها رضي الله عنها 
ما كاد رسول الله صلى الله عليه و سلم يتلقى رسالة ربه تعالى ويدعو الى دين الحق حتى بدأت قريش حربها ضده صلى الله عليه و سلم فاجتمع سادة قريش وقالوا : انكم قد فرغتم محمدا من همه فردوا عليه بناته فاشغلوه بهن
وذهب سادة قريش الى اصهار رسول الله صلى الله عليه و سلم الثلاثة وقالوا لهم واحدا بعد الاخر : فارق صاحبتك ونحن نزوجك أي امرأة من قريش شئت فأبى أبو العاص زوج زينب الكبرى رضي الله عنها وعنه اما اغبنا ابي لهب فاستجابا على الفور وكان ابو لهب قد قال لابنيه : رأسي من رأسيكما حرام ان لم تطلقا ابنتي محمد
زواجها رضي الله عنها من عثمان رضي الله عنه 
تحملت السيدة رقية في صبر و يقين في الله هذا الطلاق الظالم وكثت في بيت ابيها تشاركه هموم الدعوة وما يلاقيه في سبيل الله تعالى فعوضها الله تعالى وابدلها زوجا صالحا كريما عظيما مبشرا بالجنة وسيم الطلعة من أعرق فتيان قريش نسبا هو عثمان بن عفان رضي الله عنه وقد انشد النساء في عرسها
رقية و بعلها عثمان     أحسن شخصين رأي انسان
وقد ازداد غيظ قريش لهذا الزواج فقد ارادوا ان يشغلوا محمد صلى الله عليه و سلم ببناته فاذا رقية تتزوج زوجا خيرا ممن طلقهاالهجرة الى الحبشة 
لما اشتد ايذاء الكفار للمسلمين امرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بالهجرة الى الحبشة فكان عثمان بن عفان رضي الله عنه وزوجته رقية أول من هاجر على قرب عهدهما بالزواج
ولما علم رسول الله صلى الله عليه و سلم بهجرتهما قال : انهما لأول من هاجر الى الله بعد لوط وقد ولدت لعثمان ابنهما عبد الله الذي كان يكنى به
العودة الى مكة 
سرت الشائعات ان قريشا قد اسلمت فاشتاق المهاجرون الى العودة الى البلد الحرام ولم يقو بعضهم على مغالبة ذلك الحنين المستثار فتهيئوا للرحيل على عجل على حيت اثر اخرون ان يابثوا في مهجرهم ريثما يستيقنون مما قيل عن مهادنة قريش لرسول الله صلى الله عليه و سلم وكانت السيدة رقية و زوجها الصحابي الجليل عثمان بن عفان من العائدين
لما وصلت السيدة رقية رضي الله عنها الى مكة علمت ان أمها وامنا جميعا أم المؤمنين السيدة العظيمة خديجة قد توفيت ولما جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم ووجد ابنته في قمة الالم والحزن لفراق أمها احتضنها وخفف عنها حتى هدأت نفسها وثابت الى الصبر والسكينة
الهجرة الى المدينة 
ولم يطل بها في مكة فهاجرت الى المدينة وكانت قد ولدت ابنها عبد الله بن عثمان وفي المدبنة مات ابنها عبد الله وهو صبي في السادسة من عمره بنقرة من ديك
وفاتها رضي الله عنها 
ما ان توفي ابنها عبد الله حتى اصابتها رضي الله عنها حمى شديدة حزنا على فراق قرة عينها ومكث الزوج العظيم بجوارها يمرضها ويرعاها الى ان خرج المسلمون لغزوة بدر فاراد عثمان رضي الله عنه ان يلبي نداء الجهاد ولكن رسول الله صلى الله عليه و سلم رخص له البقاء بجوار زوجته التي كانت تعالج ما يشبه سكرات الموت وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم له بسهم في الغنائم وعد ممن حضرها وتوفيت رضي الله عنها وقد جاء بشير النصر العظيم في بدر
وجاء الاب الثاكل صلى الله عليه و سلم فودع ابنته وصلى عليها وشيعت المدينة كلها رقية رضي الله عنها
رحم الله السيدة رقية نعم الزوجة لنعم الزوج وجمعنا واياها في الجنة ان شاء الله تعالى

السيدة زينب الكبرى رضي الله عنها


بنات النبي صلى الله عليه و سلم
السيدة زينب الكبرى رضي الله عنها
ميلادها رضي الله عنها 
هي كبرى بنات رسول الله صلى الله عليه و سلم المهاجرة العظيمة زينب بنت محمد رضي الله عنها و أمها خديجة خير النساء صاحبة الفضل العظيم و المقام الرفيع ولدت رضي الله عنها و عمر سيد الخلق ثلاثون عاما
زواجها رضي الله عنها 
تزوجت زينب رضي الله عنها من ابن خالتها ابو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد شمس بن قصي و امه هالة بنت خويلد أخت خديجة الطاهرة زوج محمد صلى الله عليه و سلم و أم زينب رضي الله عنها
و كان ابو العاص بن الربيع كريم الخصال حتى لقبه قومه بالامين كما لقبوا رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم في طلب ازكى العطور و الاطياب كما ارسلت خديجة رضي الله عنها من يجوبون الاسواق القريبة و يترصدون من يفد على مكة من التجار ليأتوا بخير ما يحملون مما يصلح للعروس على كان ابو العاص يعد بيته لاستقبال الوافدة الغالية و يسخو في هذا السبيل بما يتيحه له كرمه و ثراؤه العريض و قد اكرمهما الله تعالى بوليدهما علي بن ابي العاص و من بعده جاءت اخته أمامة
اسلامها رضي الله عنها 
ما ان علمت زينب رضي الله عنها ببعثة رسول الله صلى الله عليه و سلم بعدما جاءه الوحي في غار حراء حتى لبثت في مكانها صامته غارقة في افكارها فايقذها صوت اختها فاطمة رضي الله عنها تقول : اوما يسرك انك بنت نبي هذه الامة ؟
فأجابت زينب رضي الله عنها : أجل و الله يا فاطمة و أي فتاة لا يزيدها ذلك الشرف الذي ما بعده شرف ؟ لكنه الذي سمعت من قول خالي ورقة : ليكذبن أبي و ليؤذين و ليخرجن و ليقاتلن
ففكرت فاطمة مليا و قد عز عليها ان يؤذى ابوها ثم رفعت وجهها و قالت لاختها : هو والله ما قالت أمي لابي : الله يرعانا يا ابا القاسم أبشر يا بن العم و اثبت و الله ما يخزيك الله ابدا انك لتصل الرحم و تصدق الحديث و تؤدي الامانة و تحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر
وقد كان زوجها في سفر عندما اسلمت رضي الله عنها و لم يعلم بأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم فلما عاد وعلم الخبر سألها فصدقته و ابى ان يدخل في الاسلام و قال : ان اباك ليس عندي بمتهم و ما يسؤوني ان اكون واياك في شعب واحد لكنني اكره ان يقال : ان زوجك خذل قومه و كفر بدين آبائه ارضاء لامرأته
زينب رضي الله عنها في مكة 
واشتد ايذاء الكفار للمسلمين وحاصروا المسلمين في شعب ابي طالب ثم توفي ابو طالب ثم توفيت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ثم هاجر رسول الله صلى الله عليه و سلم الى المدينة وهاجرت معه بناته الا زينب فبقيت في مكة وحيدة حزينة على بعد الاهل و على زوجها الذي يفوته شرف عظيم باصراره على الكفر
ومضت الايام واجتمع سادة قريش و خرجوا لقتال رسول الله صلى الله عليه و سلم ومعهم زوجها و لعل هذا كان أصعب موقف واجهته ومكثت منطوية على نفسها تجتر مخاوفها الى ان عرفت النبأ العظيم : لقد انتصر المسلمون رغم قلة عددهم وفرحت زينب فرحة عارمة ولكنها علمت ان زوجها الحبيب في الاسر عند رسول الله صلى الله عليه و سلم
وكان ابو العاص ذا مال و قد اراد اهله ان يغلوا في ماله ولكن زينب اثرت ان تفتديه بما هو أغلى و أعز ما تملك قلادة خديجة رضي الله عنها التي اهدتها لها يوم عرسها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه و سلم رق وتأثر تأثرا بالغا فقال بعد فترة صمت : ان رأيتم ان تطلقوا لها اسيرها و تردوا لها مالها فافعلوا
فقال الصحابة : نعم يا رسول الله
وادنى رسول الله صلى الله عليه و سلم اليه صهره الذي غلبه التأثر لهيبة الموقف فأسر اليه حديثا لم يعلم ما هو فحنى ابن هالة رأسه موافقا ثم حيا و مضى فلما بعد التفت صلى الله عليه و سلم الى أصحابه من حوله و فأثنى على ابي العاص خيرا و قال : والله ما ذممناه صهرا
وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد اشترط عليه ان يبعث له حين عودته لمكة ابنته زينب فعاهده على ذلك
وابى ابو العاص ان يطلق زينب و عندما قالت له قريشا : فارق صاحبتك و نحن نزوجك أي امرأة من قريش
فقال : لا والله اني لا افارق صاحبتي وما أحب ان لي بأمرأتي امرأة من قريش
وخرجت زينب مهاجرة الى ابيها صلى الله عليه و سلم وفي احشائها جنين لم يستكمل شهره الرابع يقودها كنانة وهو أخو ابي العاص وقد حاول رجال من قريش إيذاءها انتقاما لقتل سادات قريش يوم بدرو قد تصدى لهم كنانة غير ان هبار بن الاسود الاسدي روعها برمح وكان معه نافع بن عبد القيس الفهريونخس البعير فالقى بها على صخرة واذ ذاك برك كنانة دونها ونثر كنانته وهو يزأر : والله لا يدنو مني رجل الا وضعت فيه سهما فتراجع المطاردون
وعاد بها كنانة الى مكة حيث بقى أبو العاص الى جانبها اياما يرعاها ولا يفارقها لحظة من ليل او نهار فلما تمالكت بعض قواها خرج بها كنانة حتى أسلمها زيد بن حارثة وما تزال تنزف ولم يتبعها احد هذه المرة وقد ركب القوم الخزي من قول هند بنت عتبة تعيرهم و تسخر منهم :امعركة مع انثى عزلاء ؟ فهلا كانت هذه الشجاعة يوم بدر ؟
و في الحرب اشباه النساء العوارك ؟     أفي السلم أعيار جفاء و غلظة
ولما علم رسول الله صلى الله عليه و سلم ما حدث اهدر دم هبار و نافع يقول ابو هريرة رضي الله عنه: بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم سرية و كنت فيهم فقال : ان لقيتم هبار بن الاسود و نافع بن عمرو فأحرقوهما فلما كان من الغد بعث الينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ان لقيتموهما فاقتلوهما فانه لا ينبغي لاحد ان يعذب بعذاب اللهاسلام ابي العاص 
وفي سنة ست من الهجرة يخرج ابو العاص في تجارة لقريش يتاجر بها في الشام فانتدب رسول الله صلى الله عليه و سلم لها زيد بن حارثة في سبعين ومائة راكب وكان ذلك فغنم المسلمون القافلة و أسروا من كان فيها ومنهم ابو العاص فلم يعرف ابو العاص ماذا يفعل فدخل على زينب واستجار بها و لما اصبح المسلمون سمعوا صوت زينب تقول : ايها الناس اني قد أجرت العاص بن الربيع فهو في حمايتي و امني
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ايها الناس هل سمعتم ما سمعت انه يجير على المسلمين ادناهم ثم دخل على ابنته فأوصاها قائلا أي بنية اكرمي مثواه و لا يخلص اليك فانك لا تحلين له مادام مشركا
ثم سألت زينب رضي الله عنها اباها ن يرد عليه عير القوم فأكبر رسول الله صلى الله عليه و سلم هذا الوفاء في ابنته فبعث اليه السرية و قال لهم :ان هذا الرجل منا حيث علمتم وقد اصبتهم له مالا فان تحسنوا اليه و تردوا اليه ماله فانا نحب ذلك وان ابيتم فهو فئ الله الذي افاء عليكم فانتم احق به
فقالوا : بل نرده عليه وقال بعضهم لابي العاص : يا ابا العاص هل لك ان تسلم وتأخذ هذه الاموال فانها اموال المشركين
فقال الرجل : بئس ما ابدء به اسلامي ان اخون امانتي و ردوا عليه المال كرامة للرسول صلى الله عليه و سلم وابنته
ولما عاد ابي العاص الى مكة ورد على كل ذي حق حقه استعفاهم فشهدوا له برد الامانة فشهد بأنه لا اله الا الله و ان محمدا رسول الله وخرج مهاجرا الى الله و رسوله ففرح به رسول الله صلى الله عليه و سلم و المسلمون ورد رسول الله صلى الله عليه و سلم عليه زوجه التي فرحت باسلامه
وفاتها رضي الله عنها 
لم يعيشا معا بعد ذلك طويلا فقد توفيت في السنة الثامنة من الهجرة
وقد علم رسول الله صلى الله عليه و سلم النساء كيف يغسلنها كما قالت ام عطية : لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :اغسلنها وترا ثلاثا او خمسا واجعلن في الاخرة كافورا او شئ من كافور فاذا غسلنها فاعلمونني فلما غسلناها اعطانا حقوه فقال : أشعرنها اياه
وقد دفنت رضي الله عنها بالبقيع و تولى دفنها رسول الله صلى الله عليه و سلم ونزل قبرها وهو مهموم محزون فلما خرج سرى عنه وقال : كنت ذكرت زينب و ضعفها فسألت الله تعالى ان يخفف عنها ضيق القبر و غمه ففعل و هون عليها
رحم الله تعالى بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم نعم القدوة في الوفاء و الصبر وصلى الله وسلم افضل تسليم على سيد الخلق وعلى اله واصحابه اجمعين

السيدة ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها


سيدات بيت النبوة
السيدة ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها
نسبها رضي الله عنها 
هي أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث بن حزن ابن بجير بن الهزم بن روبية بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة و أمها : هند بنت عوف بن زهير بن الحارث بن حماطة بن حمير التي كان يقال لها : أكرم عجوز في الارض و شقيقاتها لبابة الكبرى –أم الفضل-و لبابة الصغرى و اخوتها لامها أسماء بنت عميس و سلمى بنت عميس و خالة ابناء العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه (لان زوجته رضي الله عنه هي لبابة الكبرى بنت الحارث) و خالة كل من ابناء جعفر بن ابي طالب رضي الله عنه و محمد بن ابي بكر و يحي بن علي بن ابي طالب (أمهم اسماء بنت عميس) و خالة ابناء حمزة بن عبد المطلب أسد الله و شهيد أحد رضي الله عنه (أمهم سلمى بنت عميس) كانت رضي الله عنها زوجة أبي رهم بن عبد العزى العامري القرشي وهي أول امرأة امنت بعد خديجة رضي الله عنها
زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم 
تزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم في عام القضاء خطبها له جعفر بن ابي طالب فجعلت أمرها للعباس رضي الله عنه فزوجها النبي صلى الله عليه و سلم
و أراد النبي صلى الله عليه و سلم ان يبني بها في مكة و لكن قريشا أرسلت حويطب بن عبد العزى و نفرا معه فقالوا لرسول الله صلى الله عليه و سلم : قد انقضى اجلك فأخرج عنا
فقال صلى الله عليه و سلم : و ما عليكم فأعرست بين أظهركم فصنعت لكم طعاما فحضرتموه
قالوا : لا حاجة لنا بطعامك فاخرج عنا
فخرج صلى الله عليه و سلم بالسيدة ميمونة فأعرس بها في سرف قرب التنعيم بطريق مكة و كان ذلك في ذي القعدة من سنة سبع
و قيل ان رسول الله صلى الله عليه و سلم تزوجها و هو محرم و لكن الصحيح انه تزوجها و هو حلال و ظهر أمر زواجها به و هو محرم ثم انه صلى الله عليه و سلم بنى بها و هو حلال
و روى الطبراني عن الزهري انها رضي الله عنها وهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه و سلم فأنزل الله تبارك و تعالى فيها : و امرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان اراد النبي ان يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين
و في البخاري ان ثابتا البناني قال : كنت عند أنس وعنده ابنة له
قال أنس : جاءت امرأة رسول الله صلى الله عليه و سلم تعرض عليه نفسها قالت : يا رسول الله ألك في حاجة ؟
فقالت ابنة أنس : ما أقل حياءها واسوأتاه واسوأتاه
قال أنس : هي خير منك رغبت في النبي صلى الله عليه و سلم فعرضت عليه نفسها - رواه البخاري
وكانت رضي الله عنها تسمى برة فغيره رسول الله صلى الله عليه و سلم الى ميمونة لان زواجه بها كان في المناسبة الميمونة الغراء التي دخل فيهل أم القرى مكة لاول مرة منذ سبع سنين و معه صحابته امنين لا يخافون
و قيل انها رضي الله عنها لما جاء الخاطب و هي على بعير القت نفسها عنه و قالت البعير و ماعليه لرسول الله صلى الله عليه و سلم
ميمونة رضي الله عنها في بيت النبوة 
ذكر في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه و سلم كان في بيتها حين أشتد به الالم في مرض الموت فرضيت رضي الله عنها ان ينتقل حيث أحب الى بيت عائشة
و قالت عنها السيدة عائشة رضي الله عنها وهي توعظ قريبا لميمونة رضي الله عنها : أما علمت ان الله ساقك حتى جعلك في بيت نبيه ذهبت و الله ميمونة و رمي بحبلك على غاربك أما انها كانت من اتقانا لله و أوصلنا للرحم بل ان من فضلها و كرامتها تلك الشهادة التي شهدها لها رسول الله صلى الله عليه و سلم مع أخوتها فقال صلى الله عليه و سلم : الاخوات المؤمنات: ميمونة و أم الفضل و سلمى و أسماء بنت عميس
علمها و فقهها رضي الله عنها 
كانت رضي الله عنها عالمة فقيهة فقالت يوما لحبر الامة ابن عباس رضي الله عنه –وهو ابن اختها-تعلمه عندما وجدته اشعثا قالت : مالك شعثا قال : أم عمار مرجلتي حائض
قالت: أي بني و اين الحيضة من اليد ؟ لقد كان النبي صلى الله عليه و سلم يدخل على احدانا و هي متكئه حائض قد علم انها حائض فيتكئ عليها فيتلو القران و هو متكئ عليها او يدخل عليها قاعدة و هي حائض فيتكئ في حجرها فيتلو القران في حجرها و تقوم و هي حائض فتبسط له الخمرة في مصلاه
و قد بلغها مرة ان عبد الله بن عباس رضي الله عنها يعتزل فراش امرأته عندما تحيض فقالت له : أرغبة عن سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ لقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ينام مع المرأة من نسائه و ما بينهما الا ثوب ما يجاوز الركبتين
انكارها المنكر 
يروى ان قريبا لها دخل عليها فةجدت منه ريح شراب فقالت : لئن لم تخرج الى المسلمين فيجلدوك لا تدخل علي ابدا
راوية احاديث 
كانت رضي الله عنها راوية لاحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول الذهبي : لها سبعة أحاديث في الصحيحين و انفرد لها البخاري بحديث و مسلم بخمسة و جميع ما روت ثلاثة عشر حديث
وفاتها رضي الله عنها 
توفيت رضي الله عنها سنة احدى و خمسين على اكثر الاقوال وحملت علىالاعناق بأمر ابن عباس و قال : ارفقوا بها فانها امكم وصلى عليها ابن عباس و دفنت بسرف و قد دفنت في موضع الظلة التي بنى بها فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم رحم الله ام المؤمنين ميمونة و جزاها عنا خيرا و جمعنا و اياها برسول الله صلى الله عليه و سلم في الجنة ان شاء الله


السيدة أم حبيبة بنت ابي سفيان رضي الله عنها


سيدات بيت النبوة
السيدة أم حبيبة بنت ابي سفيان رضي الله عنها
نسبها رضي الله عنها 
هي أم المؤمنين رملة ابنة أبو سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف و هو جد الرسول صلى الله عليه و سلم و ليس في أمهات المؤمنين من هي أقرب الى رسول الله صلى الله عليه و سلم نسبا منها
و امها هي صفية بنت ابي العاص بن أمية بن عبد شمس و هي من بنات عم الرسول صلى الله عليه و سلم و أخوها هو أمير المؤمنين معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه
كانت رضي الله عنها زوجة لابن عمة رسول الله صلى الله عليه و سلم عبيد الله بن جحش الاسدي اخي أم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش زوجة رسول الله صلى الله عليه و سلم و كان زوجها عبيد الله رضي الله عنه قد أسلم فأسلمت معه و أبوها أبو سفيان على الكفر و خشيت رضي الله عنها اذى ابيها فهاجرت مع زوجها الى الحبشة –بلد النجاشي رضي الله عنه- و كانت مثقلة بحملها و في الحبشة وضعت بنتها حبيبة التي كنيت بها بعد ذلك
غربة و وحدة 
كانت رضي الله عنها تحاول ان تجد في زوجها عوضا عما فارقته من الاهل و العشيرة و لكنها قامت ذات ليلة من نومها مذعورة و قد روعها حلم مرعب فقد رأت زوجها عبيد الله في أسوأ صورة و لما أصبحت اخبرها انه قد ارتد عن دينه و دخل النصرانية دين الاحباش فعاشت رضي الله عنها في غم و حزن وحيدة في بلد غريبة حتى اعتزلت الناس شاعرة بالخزي لفعلة زوجها
زواجها برسول الله صلى الله عليه و سلم 
و مرت فترة من الزمن و هي في عزلتها وحيدة الى ان جاءتها في أحد الايام جارية من جواري النجاشي رضي الله عنه تدعى ابرهة فبشرتها بخطبة رسول الله صلى الله عليه و سلم لها فأعطتها أم حبيبة سوارين من فضة و خدمتين -خلخالين- و خواتم من فضة لبشارتها اياها بذلك و كان وكيلها في الزواج خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس و قد اصدقها رسول الله صلى الله عليه و سلم اربعمائة دينار و قيل اربعة الاف فكانت اكثر نساء رسول الله صلى الله عليه و سلم مهرا و كانت الوحيدة من بين نسائه صلى الله عليه و سلم التي تزوجها و هي غائبة و قد أولم لها النجاشي وليمة زواج عظيمة قائلا : اجلسوا فأن سنة الانبياء اذا تزوجوا ان يؤكل طعام على التزويج و أولم عليها عثمان بن عفان رضي الله عنه لحما و ثريدا
و كان النجاشي قد أمر نساءه ان يهدينها فأخذن يتبارين في اهدائها العطر و غيره كرامة لرسول الله صلى الله عليه و سلم و اصبحت فجاءتها جارية النجاشي تحمل هدايا نساء الملك من عود و عنبر و طيب فقدمت اليها أم المؤمنين خمسين دينارا من صداقها قائلة : كنت أعطيك السوارين بالأمس و ليس بيدي شئ من المال و قد جاءني الله عز و جل بهذا فأبت الجارية ان تمس الدنانير و ردت السوارين و قالت ان الملك قد أجزل لها العطاء و أمرها الا تأخذ من أم المؤمنين شيئا
و عندما بلغ أبوها خبر الزواج المبارك و كان لا يزال على الكفر قال : ذلك الفحل لا يقدع انفه أي انه كفء كريم لا يرفض نسبه
فلما انتصر المسلمون في غزوة خيبر عادوا الى المدينة ليجدوا مهاجري الحبشة و قد جاءوا في صحبة عمرو بن أمية الضمري الذي بعثه النبي صلى الله عليه و سلم الى النجاشي ليعود بمن بقى في بلاده من المهاجرين الاولين
فلما لمح رسول الله صلى الله عليه و سلم اصحابه قد عادوا وثب صلى الله عليه و سلم من فوق راحلته و التزم ابن عمه جعفر بن ابي طالب معانقا و قبل عينيه و هو يقول في غبطة : ما أدري بأيهما انا أسر : بفتح خيبر أم بقدوم جعفر و كان من بين العائدات أم حبيبة رضي الله عنها و قد مضى على زواجه بها بضع سنين مذ كانت مهجرها بالحبشة فاحتفلت المدينة بدخول بنت ابي سفيان بيت النبي صلى الله عليه و سلم و أولم عثمان بن عفان رضي الله عنه وليمة حافلة و كانت السيدة أم حبيبة تدنو من عامها الاربعين
أم حبيبة رضي الله عنها في بيت النبوة 
و عاشت أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها في بيت النبوة كريمة مطمئنة و ان كانت تشعر في اعماقها حزنا قاسيا لان اباها لا يزال على الوثنية الضالة و كانت رضي الله عنها حريصة على كل ما يخص رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أمام أقرب الناس اليها فيروى انه عندما نقضت قريش صلح الحديبية علمت ان رسول الله صلى الله عليه و سلم لن يسكت على ظلم فارسلوا ابي سفيان يفاوض رسول الله صلى الله عليه و سلم في تجديد الهدنة خوفا من ان يغزو رسول الله صلى الله عليه و سلم مكة فدخل ابو سفيان على لبنته أم حبيبة عندما اتى المدينة ليفاوض رسول الله صلى الله عليه و سلم فأراد ان يجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه و سلم فطوته عنه
فقال : يا بنية أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه ؟
فقالت رضي الله عنها: بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه و سلم و انت امرؤ مشرك فلم أحب ان تجلس عليه
فقال : يا بنية لقد اصابك بعدي شر
استجابة الله تعالى دعائها رضي الله عنها 
أتت أم حبيبة رضي الله عنها عثمان بن عفان عندما حوصر فجاء رجل فأطلع في خدرها فجعل ينعتها للناس فقالت رضي الله عنها : ما له قطع الله يده و ابدى عورته ؟ فدخل على هذا الرجل الفاسق داخل فضربه بالسيف فألقى بيمينه فقطع فانطلق هاربا اخذا ازاره بفيه بادية عورته فاستجاب بذلك الله تعالى لدعوتها رضي الله عنها
حرصها على سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم 
في حديث رواه البخاري تروي زينب بنت ابي سلمة و تقول : دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه و سلم حين توفي ابوها أبو سفيان رضي الله عنه فدعت ام حبيبة بطيب فيه سفره خلوف او غيره فدهنت منه جاريه ثم مست بعارضيها ثم قالت : و الله ما لي في الطيب من حاجة غير اني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :لا يحل لامرأة تؤمن بالله و اليوم الاخر ان تحد على ميت فوق ثلاث ليال الا على زوج أربة أشهر و عشرا فمست رضي الله عنها الطيب –و لا حاجة لها فيه- حتى لا تكون راغبة عن سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم
عبادتها رضي الله عنها 
كانت رضي الله عنها عابدة لله تعالى كثيرة الصلاة فعنها رضي الله عنه قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : من صلى اثني عشرة ركعة في يوم و ليلة بني له بيت في الجنة
قالت أم حبيبة : فما ترتكتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه و سلم
رواية الحديث 
روت أم حبيبة رضي الله عنها خمسة و ستين حديثا
وفاتها رضي الله عنها 
عن عائشة رضي الله عنها قالت : دعتني أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه و سلم عند موتها فقالت : قد كان بيننا ما يكون بين الضرائر فغفر الله ذلك كله و تجاوزه و حللتك من ذلك كله
فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها :سررتني سرك الله و ارسلت الى أم سلمة فقالت لها مثل ذلك
و توفيت رحمها الله سنة اربعة و اربعين في خلافة أخيها معاوية بن ابي سفيان و دفنت بالبقيع فجزاها الله تعالى عنا جميعا كل الخير و اكرمنا بلقياها في الجنة ان شاء الله


السيدة صفية بنت حيي رضي الله عنها


سيدات بيت النبوة
السيدة صفية بنت حيي رضي الله عنها
نسبها رضي الله عنها 
هي أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب بن سعية بن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن الخزرج بن ابي الحبيب بن النضير بن النحام بن ناخوم من سبط لاوي بن يعقوب عليه السلام ثم من ذرية هارون بن عمران عليه السلام أخي موسى كليم الله عليه السلام أمها : برة بنت شموال أخت رفاعة بن شموال القرظي
و على الرغم من انها لم تكن قد تجاوزت السابعة عشرة الا انها كانت رضي الله عنها قد تزوجت سلام بن مشكم القرظي ثم خلف عليها كنانة بن الربيع بن ابي الحقيق النضري و هما شاعران و قد قتل كنانة يوم خيبر
زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم 
لما من الله تعالى على المسلمين بفتح خيبر جاء دحية الكلبي رضي الله عنه الى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله اعطني جارية
فقال : اذهب فخذ جارية فأخذ صفية رضي الله عنها
فقال رجل : يا رسول الله أعطيت دحية صفية و هي سيدة بني قريظة و النضير لا تصلح الا لك
فقال : ادعه بها فجاء بها
فقال : خذ جارية غيرها فأعتقها رسول الله صلى الله عليه و سلم و تزوجها
و عن أم أنس بن مالك قال جابر بن عبد الله : جئ يوم خيبر بصفية للنبي صلى الله عليه و سلم فقال لبلال خذ بيد صفية فأخذ بيدها و مر بها بين المقتولين في ساحة القتال التي امتلأت بالقتلى فوجد صلى الله عليه و سلم ان السيدة صفية رضي الله عنها قد بدا عليها الحزن الصامت و الجزع المكبوت و هي تحاول ان تتماسك فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنزعت يا بلال منك الرحمة حين تمر بامرأتين على قتلى رجالهما ؟ ثم أمر بصفية فحيزت خلفه فكان ذلك اعلاما بأنه صلى الله عليه و سلم قد اصطفاها لنفسه و قد خيرها رسول الله صلى الله عليه و سلم بين ان يعتقها فترجع الى من بقى من اهلها و بين ان تسلم و يتزوجها فاختارت الله و رسوله
و في حديث عن أنس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم لما أخذ السيدة صفية بنت حيي قال لها : هل لك في ؟
قالت : يا رسول الله قد كنت أتمنى ذلك في الشرك فكيف اذا أمكنني الله منه في الاسلام ؟
فأعتقها رسول الله صلى الله عليه و سلم و تزوجها و دفعها الى أم سليم تهيئها و تعتد عندها و اقام رسول الله صلى الله عليه و سلم لها وليمة فقال : من كان عنده شئ فليجئ به فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه و سلم
رؤيا و بشارة 
كانت السيدة صفية قد رأت رؤيا في منامها ان قمرا وقع في حجرها فذكرت ذلك لابيها فضرب وجهها ضربة أثرت فيه و قال : انك لتمدين عنقك الى ان تكوني عند ملك العرب و مازال الاثر في وجهها حتى أتى بها الى رسول الله صلى الله عليه و سلم فسألها عنه فأخبرته الخبر
عداء مسبق 
تقول السيدة صفية بنت حيي بن أخطب : كنت أحب ولد ابي اليه و الى عمي بن ياسر لم القهما قط مع وع ولدهما الا أخذاني دونه فلما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة و نزل قباء غدا عليه ابي و عمي مغلسين فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس فأتيا كالين ساقين يمشيان الهوينا فهششت اليهما كما كنت اصنع فوالله ما التفت الي واحد منهما مع ما بهما من الغم و سمعت عمي ابا ياسر و هو يقول لابي : أهو هو؟
قال : نعم و الله
قال عمي : أعرفه و تثبته ؟
قال : نعم
قال : فما في نفسك منه ؟
قال : عداوته والله ما بقيت
صفية رضي الله عنها في بيت النبوة 
كانت ازواج الرسول صلى الله عليه و سلم قد تفاخرن على السيدة صفية بأنهن قرشيات عربيات و هي الاجنبية الدخيلة و بلغها كلام عن السيدة حفصة و السيدة عائشة رضي الله عنهما فحزنت و تألمت وحدثت رسول الله صلى الله عليه و سلم و هي تبكي فقال لها: الا قلت : و كيف تكونان خيرا مني و زوجي محمد و أبي هارون و عمي موسى ؟
و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يشعر بغربتها رضي الله عنها فكان يدافع عنها كلما اتيحت له الفرصة و قيل انه صلى الله عليه و سلم كان في سفر و معه صفية و زينب بنت جحش رضي الله عنهما فاعتل بعير صفية رضي الله عنها فبكت فجاءها رسول الله صلى الله عليه و سلم و أخذ يمسح دموعها بيده الشريفة و كان في ابل السيدة زينب رضي الله عنها فضل فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم : ان بعير صفية أعتل فلو أعطيتها بعيرا ؟ فأبت السيدة زينب فغضب رسول الله صلى الله عليه و سلم و هجر السيدة زينب رضي الله عنها شهرين أو ثلاثة ثم سامحها فها هو سيد الخلق أجمعين يهجر المهاجرة زوجته التي زوجها اياه رب العالمين و ابنة عمته غضبا للسيدة صفية رضي الله عنها
و كانت رضي الله عنها تحب رسول الله صلى الله عليه و سلم حبا عظيما و روي ان رسول الله صلى الله عليه و سلم في مرض موته قالت له السيدة صفية : و الله يا نبي الله لوددت ان الذي بك بي فغمزها ازواجه فأبصرهن فقال صلى الله عليه و سلم : مضمضن قلن : من تغامزكن بها والله انها لصادقة
حلمها رضي الله عنها 
كانت رضي الله عنها وقورة حليمة و روي ان جارية قالت لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه : ان صفية تحب السبت و تصل اليهود فبعث عمر يسألها فقالت : أما السبت فلم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة و اما اليهود فان لي فيهم رحما فأنا أصلها ثم قالت للجارية : ما حملك على ما صنعت ؟
قالت : الشيطان
قالت : فاذهبي فأنت حرة
موقف لا ينسى 
لما ابتلى الله تعالى عبده ذا النورين عثمان رضي الله عنه بالحصار كانت السيدة صفية رضي الله عنها من الذين دافعوا عنه فروي عن كنانة -مولى صفية رضي الله عنها- قال : قدمت صفية رضي الله عنها في حجابها على بغلة لترد عن عثمان فلقينا الاشتر فرب وجه البغلة و هو لا يعرف راكبتها فقالت لي صفية رضي الله عنها : ردني لا تفضحني ثم وضعت أم المؤمنين عليها السلام خشبا من منزلها الى منزل عثمان رضي الله عنه تستخدمه معبرا تنقل عليه الماء و الطعام
أمرها رضي الله عنها بالمعروف و نهيها عن المنكر 
روى الامام أحمد بسنده عن صهيرة بنت جعفر قالت : حججنا ثم انصرفنا الى المدينة فدخلنا على صفية بنت حيي رضي الله عنها فواقفنا عندها نسوة من أهل الكوفة فقلن لها : ان شئتن سألتن و سمعنا و ان شئتن سألنا و سمعتن
فقلنا : سلن
فسألن عن اشياء من أمر المرأة و زوجها و من أمر المحيض ثم سألن عن نبيذ الجر فقالت : أكثرتم يا أهل العراق من نبيذ الجر و ما على احداكن ان تطبخ تمرها ثم تدلكه ثم تصفيه فتجعله في سقائها توكئ عليه فاذا طاب شربت و سقت زوجها و في رواية اخرى فقالت رضي الله عنها: حرم رسول الله صلى الله عليه و سلم نبيذ الجر
صفية رضي الله عنها راوية حديث 
من الذين رووا عن السيدة صفية ابن اخيها و مولاها كنانة و مولاها يزيد بن متعب و الامام زين العابدين علي بن الحسين و مسلم بن صفوان و حديثها عن رسول الله صلى الله عليه و سلم مخرج في الكتب الستة
وفاتها رضي الله عنها 
توفيت رضي الله عنها سنة خمسين من الهجرة في زمن معاوية رضي الله عنه و دفنت رضي الله عنها بالبقيع مع أمهات المؤمنين الحقها بحبيبها صلى الله عليه و سلم رحمها الله تعالى و الحقنا برسول الله صلى الله عليه و سلم و بها و بأمهات المؤمنين جميعا ان شاء الله


السيدة جويرية بنت الحارث رضي الله عنها


سيدات بيت النبوة
السيدة جويرية بنت الحارث رضي الله عنها
نسبها رضي الله عنها 
هي أم المؤمنين جويرية بنت الحارث بن ابي ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك بن جذيمة –و هو المصطلق- بن سعد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو مزيقيا و عمرو هو أبو خزاعة كلعا الخزاعية المصطلقية
زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم 
بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم ان بني المصطلق –و هم حي من خزاعة- يجمعون الجموع لقتال المسلمين بقيادة زعيمهم الحارث بن ابي ضراربن حبيب المصطلق الخزاعي فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم و معه من زوجاته السيدة عائشة رضي الله عنها حتى لقيهم على ماء لهم يقال له المريسيع فكان قتال انتهى بهزيمة بني المصطلق و سيقت نسائهم سبايا و فيهن برة بنت الحارث بن ابي ضرار بن حبيب سيد القوم و قائدهم أو جويرية كما سماها رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم عاد رسول الله صلى الله عليه و سلم الى المدينة فبينما هو جالس يوما في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها سمعت امرأة تستأذن في لقائه صلى الله عليه و سلم و قامت السيدة عائشة رضي الله عنها الى الباب و دخلت السيدة جويرية فقالت : يا رسول الله انا بنت الحارث بن ابي ضرار سيد قومه و قد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك فوقعت في السهم لثابت بن قيس فكاتبته على نفسي فجئتك أستعينك على أمري فرق قلب رسول الله صلى الله عليه و سلم للعربية الخزاعية بنت سيد بني المصطلق في موقفها ببابه ضراعة اليه و ليس لها من تلوذ به في محنتها سواه
و تكلم رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : فهل لك في خير من هذا ؟
فسألت : و ما هو يا رسول الله
فقال : أقضي عنك كتابتك و أتزوجك
فقالت و قد تهلل وجهها : نعم يا رسول الله
فقال صلى الله عليه و سلم : قد فعلت
و يقال ان اباها أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال له : ان ابنتي لا يسبى مثلها فأنا أكرم من ذلك
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أرأيت ان خيرناها
فأتاها أبوها فقال : ان هذا الرجل قد خيرك فلا تفضحينا
فقالت : اخترت الله و رسوله
فتزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم فصارت اما للمؤمنين و لما علم الناس ذلك قالوا : أصهار رسول الله صلى الله عليه و سلم فأطلقوا الاسارى من بني المصطلق و قيل انه قد اعتق بفضل زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم أهل مائة بيت من بيوت بني المصطلق فكانت امرأة عظيمة البركة على اهلها و لم تعرف امرأة لها بركتها على أهلها مثل أم المؤمنين جويرية عليها السلام
و قيل ان ابوها الحارث جاء الى المدينة و معه ابل يفدي بها ابنته فرغب في بعيرين من الابل فغيبهما في شعب من شعاب وادي العقيق فلما قدم قال يا محمد اخذتم ابنتي و هذا فداؤها فقال اين البعيران اللذان غيبتهما في وادي العقيق في شعب كذا فقال أشهد ان لا اله الا الله و انك رسول الله فوالله ما اطلع على ذلك الا الله تعالى و أسلم و أسلم له ابنان و ناس من قومه و ارسل الى البعيرين فجيء بهما فدفع الابل الى النبي صلى الله عليه و سلم و دفعت له ابنته فخطبها رسول النبي صلى الله عليه و سلم من ابيها فزوجه اياها و اصدقها اربعمائة درهم و هي بنت عشرين سنة و ذلك في سنة خمس من الهجرة
و كانت رضي الله عنها متزوجة قبل رسول الله من مسافع بن صفوان المصطلقي ابن عم لها و كان قد قتل يوم المريسيع
و قد سماها رسول الله صلى الله عليه و سلم جويرية بدلا من برة كراهة ان يقال :خرج من عند برة
عبادتها رضي الله عنها 
كانت رضي الله عنها كثيرة الصلاة و التسبيح و قج روى الامام مسلم –رحمه الله- في صحيحه ان عن ابن عباس عن جويرية ان النبي صلى الله عليه و سلم خرج عندها بكرة حين صلى الصبح و هي في مسجدها ثم رجع بعد ان أضحى و هي جالسة فقال : مازلت على الحال التي فارقتك عليها ؟ قالت : نعم قال النبي صلى الله عليه و سلم : لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله و بحمده عدد خلقه و رضا نفسه و زنة عرشه و مداد كلماته رواه مسلم
روايتها رضي الله عنها للحديث 
و قد روت رضي الله عنها احاديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم مخرجة في الكتب الستة
و يقول الأمام الذهبي –رحمه الله- جاء لها سبعة أحاديث منها عند البخاري حديث و عند مسلم حديثان و من الرواه عنها عبد الله بن عباس رضي الله عنه
وفاتها رضي الله عنها 
و قد ظلت رضي الله عنها على عبادتها و تقواها الى ان توفيت سنة خمسين و قيل سنة ستة و خمسين –و هو الاغلب- في خلافة معاوية رضي الله عنه و كان عمرها سبعين سنة و صلى عليها مروان بن الحكم أمير المدينة حينئذ و قيل توفيت سنة خمسين و هي بنت خمس و ستين سنة رضي الله عنها و الحقها برسول الله صلى الله عليه و سلم و جزاها عنا وعن قومها كل الخير


السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها


سيدات بيت النبوة
السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها
نسبها رضي الله عنها 
هي أم المؤمنين زينب بنت جحش بن رئاب بن عمير بن صبرة بن مرة ابن كبير بن تمنم بن دودان بن أسد بن خزيمة و أمها : أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه و سلم و الزينب هو شجر حسن المظهر طيب الرائحة و كانت تكنى أم الحكم
اسلامها و هجرتها رضي الله عنها 
أسلمت زينب مع أهلها و تحملوا الاذى في سبيل الله حتى اذن رسول الله صلى الله عليه و سلم لهم بالهجرة فهاجروا الى المدينة و تركوا بيتهم في مكة خاليا فأخذه أبو سفيان فذكر عبد الله بن جحش ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له : الا ترضى يا عبد الله ان يعطيك الله بها دارا في الجنة خيرا منها
زواجها رضي الله عنها من زيد رضي الله عنه 
كان زيد بن حارثة من أعظم و أحب الصحابة الى رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى تبناه و ادعاه و اصبح اسمه زيد بن محمد -و ذلك قبل ان تنزل الايات (ادعوهم لابائهم)- فراه رسول الله صلى الله عليه و سلم كفء لابنة عمته فخطبها رسول الله صلى الله عليه و سلم لزيد و كانت قد نزلت الايات و ما كان لمؤمن او مؤمنة اذا قضى الله و رسوله امرا ان تكون لهم الخيرة من امرهم و من يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالا مبينا و قبلت السيدة زينب رضي الله عنها على مضض لانها كانت تراه دونها في الشرف فهو مولى و لكن الحياة بينهما لم تكن مستقرة لذلك فشكا زيد رضي الله عنه الى رسول الله صلى الله عليه و سلم و طلب ان يأذن له في فراقها و رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول له : اتق الله و امسك عليك زوجك
زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم 
و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد علم انه لابد من مفارقتها و ان الله تعالى سيزوجه صلى الله عليه و سلم اياها ليبطل التبني و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يجد في نفسه من ذلك و يستحي ان يقال عليه صلى الله عليه و سلم تزوج زوجة ابنه او قد خاف صلى الله عليه و سلم من المنافقين و اليهود ان يقولوا للمسلمين تزوج زوجة ابنه بعد نهيه عن نكاح حلائل الابناء فيفتنوا المسلمين فعتبه الله تعالى في ذلك و نزهه عن الالتفات اليهم فيما احله الله له لان الحكمه وراء هذا الزواج –و هي ابطال التبني-كانت أهم و اعمق من هذا التفكير فأنزل الله تعالى : و اذ تقول للذي أنعم الله عليه و أنعمت عليه أمسك عليك زوجك و اتق الله و تخفي في نفسك ما الله مبديه و تخشى الناس و الله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في ازواج ادعيائهم اذا قضوا منهن وطرا و كان أمر الله مفعولا فأوضحت الاية جليا حكمة هذا الزواج
و لما انقضت عدتها رضي الله عنها قال رسول الله لزيد : اذكرها اي فانطلق زيد الى زينب حتى اتاها و هي تخمر عجينها قال : فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما استطيع ان انظر اليها ان رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكرها فوليتها ظهري و نكصت على عقبي فقلت : يا زينب ارسل رسول الله صلى الله عليه و سلم يذكرك قال : ما انا بصانعة شيئا حتى بصانعة شيئا حتى أوامر ربي فقامت الى مسجدها و نزل القران و جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم فدخل عليها بغير اذن و عن ثابت عن انس رضي الله عنه قال : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم أولم علىامرأة من نسائه ما أولم على زينب فانه ذبح شاة
و كانت حقا كما قالت رضي الله عنها : انا اكرمكن وليا و اكرمكن سفيرا زوجكن اهلكن و زوجني الله من فوق سبع سماوات فكانت رضي الله عنها وليها الله تعالى و سفيرها جبريل عليه السلام
الحجاب 
قال أنس رضي الله عنه : بني على النبي صلى الله عليه و سلم بزينب بنت جحش بخبز و لحم فأرسلت الى الطعام داعيا فيجيء قوم فيأكلون و يخرجون ثم يجيء قوم فيأكلون و يخرجون فدعوت حتى ما أجد احد ادعو فقلت : يا نبي الله ما اجد احد ادعوه قال : فارفعوا طعامكم و بقي ثلاثة رهط يتحدثون في البيت فخرج النبي صلى الله عليه و سلم فانطلق الى حجرة عائشة فقال : السلام عليكم أهل البيت و رحمة الله فقالت:و عليك السلام و رحمة الله كيف وجدت اهلك بارك الله لك ؟ فتقرى حجر نسائه كلهن يقول لهن كما قال لعائشة و يقلن له كما قالت عائشة
ثم رجع النبي صلى الله عليه و سلم فاذا ثلاثة رهط في البيت يتحدثون و كان النبي صلى الله عليه و سلم شديد الحياء فخرج منطلقا نحو حجرة عائشة فما ادري اخبرته ام اخبر ان القوم خرجوا فرجع حتى اذا وضع رجاه في اسكفة الباب داخلة و اخرى خارجة أرخى الستر بيني و بينه و انزلت اية الحجاب متفق عليه و اللفظ للبخاري
و اية الحجاب هي قوله تعالى : يا ايها الذين امنوا لا تدخلوا بيوت النبي الا ان يؤذن لكم الى طعام غير ناظرين اناه و لكن اذا دعيتم افدخلوا فاذا طعمتم فانتشروا و لا مستئنسين لحديث ان ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم و الله لا يستحي من الحق و اذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم و قلوبهن و ما كان لكم ان تؤذوا رسول الله و لا ان تنكحوا ازواجه من بعده ابدا ان ذلكم كان عند الله عظيما فكان من كرامات السيدة زينب رضي الله عنها ان اية الحجاب نزلت بسببها و في صبيحة يوم عرسها
زينب رضي الله عنها في بيت النبوة 
قالت عنها السيدة عائشة رضي الله عنها : و لم ار قط خيرا في الدين من زينب و أتقى لله و أصدق حديثا و أوصل للرحم و أعظم صدقة و أشد ابتذالا لنفسها في العمل الذي يتصدق به الى الله عز و جل
و قالت السيدة عائشة ايضا : لو تكن واحدة من نساء النبي تناصيني غير زينب و تناصيني أي تنازعني و تباريني
و في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : ان النبي صلى الله عليه و سلم كان يمكث عند زينب بنت جحش رضي الله عنها و يشرب عندها عسلا فتواصيت انا و حفصة ايتنا دخل عليها رسول الله صلى الله عليه و سلم فلتقل : اني اجد منك ريح مغافير أكلت مغافير؟ فدخل على احداهما فقالت له ذلك فقال : لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش و لن أعود له فنزلت : يا ايها النبي لم تحرم ما أحل الله لك و المغافير : هو طعام حلو المذاق كريه الرائحة
و كانت السيدة زينب رضي الله عنها تقول: انا أكرمكن وليا و أكرمكن سفيرا : زوجكن أهلكن و زوجني الله من فوق سبع سماوات
زينب رضي الله عنها و حديث الافك 
رغم هذا التنافس على قلب رسول الله صلى الله عليه و سلم الا ان السيدة عائشة تذكر موقف السيدة زينب النبيل في قضية الافك هذه المحنة العصيبة التي تعرضت لها السيدة عائشة فتروي السيدة عائشة و تقول : و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم سأل زينب بنت جحش عن أمري
فقال لزينب: ماذا علمت او رأيت ؟
قالت : يا رسول الله أحمي سمعي و بصري و الله ما علمت الا خيرا
قالت عائشة : و هي التي كانت تساميني من ازواج النبي صلى الله عليه و سلم فعصمها الله بالورع
عبادتها رضي الله عنها 
كانت زينب رضي الله عنها عابدة خاشعة قوامة صوامة فانتة كثيرة التصدق لوجه الله تعالى فعن عبد الله بن شداد الليثي ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لعمر بن الخطاب : ان زينب بنت جحش أواهة
فقال رجل:يا رسول الله ما الأواه؟
قال صلى الله عليه و سلم: الخاشع المتضرع ثم تلا صلى الله عليه و سلم ان ابراهيم لحليم أواه منيب
و تقول عنها السيدة عائشة رضي الله عنها : لقد ذهبت حميدة متعبدة مفزع اليتامى و الأرامل
و تقول عنها ايضا : يرحم الله زينب بنت جحش لقد نالت في هذه الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شرف ان الله عز و جل زوجها نبيه صلى الله عليه و سلم في الدنيا و نطق بها القران
و كانت أم سلمة تقول عنها : كانت زبنب لرسول الله صلى الله عليه و سلم معجبة و كان يستكثر منها و كانت صالحة قوامة صوامة صناعا و تتصدق بذلك كله على المساكين
و قال عنها الذهبي رضي الله عنه : كانت من سادة النساء دينا وورعا و جودا و معروفا
و في حديث عائشة رضي الله عنها ان بعض ازواج النبي صلى الله عليه و سلم قلن للنبي صلى الله عليه و سلم : أينا أسرع بك لحوقا ؟
قال : أطولكن يدا فاخذوا قصبة يذرعونها فكانت سودة أطولهن يدا فعلمنا بعد انها كانت زينب طول يدها الصدقة و كانت اسرعنا لحوقا به و كانت تحب الصدقة
و في رواية عن السيدة عائشة ايضا : قال رسول الله :اسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا فكنا اذا اجتمعنا في بيت احدانا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم نمد ايدينا في الجدار نتطاول فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش و لم تكن بأطولنا فعرفنا حينئذ ان النبي انما اراد طول اليد بالصدقة و كانت زينب امرأة صناع اليدين تدبغ و تخرز و تتصدق في سبيل الله
و في الصحيح ان عمر بن الخطاب أمير المؤمنين ارسل اليها عطاءها اثني عشر الفا فجعلت تقول : اللهم لا يدركني هذا المال في قابل فانه فتنة -أي تدعو الا يبلغها عطاء من امير المؤمنين بعد عامها هذا و استجاب لها رب العالمين فما ادركها عطاء ثانية و اسرعت باللحاق برسول الله صلى الله عليه و سلم- ثم قسمت المال كله في اهل رحمها و اهل الحاجة فبلغ عمر ذلك فوقف ببابها و أرسل اليها بالسلام و قال : بلغني ما فرقت فأرسل ألف درهم تستبقينها و أرسل الألف فتصدقت بها جميعا و لم تبق منها درهما
و حين حضرتها الوفاة قالت : اني قد أعددت كفني و ان عمر أمير المؤمنين سيبعث الي بكفن فتصدقوا بأحدهما و ان استطعتم ان تتصدقوا بحوقي -ازاري- فافعلوا
و قد ذكر ابن سعد في طبقاته و قال : ماتركت زيب بنت جحش رضي الله عنها درهما و لا دينارا كان تتصدق بكل ما قدرت عليه و كانت مأوى للمساكين
وفاتها رضي الله عنها 
توفيت رضي الله عنها سنة عشرين من الهجرة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه و شيعها اهل المدينة الى البقيع و صلى عليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه
و عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : رأيت عمر بن الخطاب سنة عشرين في يوم صائف و رأيت ثوبا مد على قبرها و عمر جالس على شفير القبر معه ابو أحمد ذاهب البصر و عمر بن الخطاب قائم على رجليه و الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قيام على أرجلهم
سلم و الحقتا جميعا بها و بامهات المؤمنين جميعاالسيدة زينب رضي الله عنها راوية الحديث 
يقول الذهبي رضي الله عنه : و لزينب أحد عشر حديثا اتفقا لها على حديثين و حديثها في الكتب الستة
جزى الله و عن المسلمين جميعا كل الخير..اللهم انا نشهدك انها كانت نعم الام و القدوة للمؤمنين جميعا..رحمها الله و الحقها بحبيبها و زوجها رسول الله صلى الله عليه و 
سلم و الحقتا جميعا بها و بامهات المؤمنين جميعا