الخميس، 28 يوليو 2011

بالصور.. كارلوس لاتوف فنان برازيلي بقلب مصري



MAY22011
في اليوم السابق لقيام ثورة 25 يناير بمصر، لفت نظري كاريكاتير تم نشره على صفحة "كلنا خالد سعيد"، يمثّل خريطة مصر وقد نهض منها خالد سعيد كالمارد، صارخًا بكل قوته: أفيقي يا مصر. بينما على الناحية الأخرى من الخريطة يقْعي وزير الداخلية السابق على ركبتيه، وهو يسدّ أذنيه بكل قوة مذعورًا من هذا النداء. وحسب ما قال أدمن الصفحة المجهول وقتها، فإن الكاريكاتير هو إهداء من رسام برازيلي؛ تضامنًا مع الثورة التي يترقّبها الجميع في مصر.

كانت هذه بداية معرفتي بالرسام البرازيلي كارلوس لاتوف ذي الأصول العربية اللبنانية، الذي كتب يومًا على حسابه في تويتر خلال الثورة المصرية: إذا كنتم ستكتبون أي شيء عني اليوم فلا تقولوا: الفنان البرازيلي، فاليوم أنا مصري من القلب.

تلت تلك المعرفة عدة مراسلات بدأت مع أول أيام الثورة المصرية، أرسل لي خلالها بعض الكاريكاتيرات التي كان يرسمها في التوّ واللحظة من أجل الثورة. ثم بدأت في تعقّب كاريكاتيراته لأكتشف أن له تاريخا طويلا من التضامن مع كفاح الإنسانية في كل مكان، وبالأخصّ مأساة قطاع غزة، والتي رسم من أجلها عشرات الأعمال الفنية.

لقد رسم لاتوف أعمالا كاريكاتيرية داعمة لفلسطين ولبنان وتونس ومصر، وحاليًا للجزائر والبحرين، بمتابعة دقيقة للأوضاع العربية التي قد لا يتابعها العربي بنفس الدقة، مما جعلني أفكر في إجراء هذا الحوار معه، ربما لأستكشف جوانب أخرى من شخصيته، أو أقدّمه للقارئ المصري والعربي؛ ليعرف من هو الرسام الذي انتشرت كاريكاتيراته في أيدي المتظاهرين في كل مكان.

عن كارلوس لاتوف


•    بداية أودّ منك أن تقدّم نفسك للقارئ العربي الذي قد لا يعرف عنك الكثير.
- ليس هناك الكثير لأذكره، اسمي كارلوس لاتوف، رسام كاريكاتير برازيلي أبلغ من العمر 42 عامًا وأعيش في ريو دي جانيرو. أحترف الكاريكاتير منذ عام 1990.

•    من هو الفنان الذي جعلك تحب وتقرر أن تكون رسامًا للكاريكاتير؟
- حينما كنت صغيرًا كان حلمي أن أكون رسام كوميكس، فقط حينما أصبحت بالغًا وجدت في الكاريكاتير السياسي وسيلة مثلى للتعبير عن غضبي تجاه الأشياء الكثيرة التي تحدث حولي. ولم يكن لديّ فنان بعينه ليكون الملهم بالنسبة لي. لكن يمكن القول أنني نلت تأثرًا كافيًا بحلقات كارتون قدّمتها شركة حنا وباربيرا في التليفزيون خلال فترة السبعينيات.

•    كل منا لديه نقطة تحول جعلتنا على ما نحن عليه الآن، فهل هناك واحدة في حياة كارلوس لاتوف؟ وما مدى تأثيرها؟
- حينما كنت صبيًا كان عليّ أن أعمل لأساعد أسرتي على المعيشة، فقضيت سنوات قليلة أعمل ساعيًا في أحد البنوك، بينما لم يعطني أحد مقابلا جيدًا لمهاراتي الفنية. وبعد فترة من العمل في وظائف عدة لا أحبها قررت أن أتركهم كلهم، بحثًا عن عمل آخر أستطيع من خلاله أن أطبّق وأطوّر مهاراتي تلك. وبعد بحث طويل وجدت وظيفة جيدة كمصور لوكالة إعلانية بريو دي جانيرو. هذا كان في 1989 وكانت البداية الفعلية.

•    ما هي الدول التي زرتها بمنطقة الشرق الأوسط؟ وكيف كان أثرها عليك؟
- فلسطين والأردن ولبنان. الأمر يكون مختلفًا تمامًا حينما تقرأ عنهم ثم تشاهد بنفسك ما يحدث على أرض الواقع. خاصة بعد زيارتي للضفة الغربية ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين بالأردن ولبنان، حيث زادت قناعتي بعدها بالتضامن مع القضية الفلسطينية، وصارت أقوى مما كانت عليه.

•    قمت بدعم الكثير من القضايا العربية كالقضية الفلسطينية والثورة التونسية والمصرية والآن الجزائرية والبحرينية، فما الذي يحثك على ذلك؟
- ما يحثني هو التضامن مع الشعوب. دعم كفاح الشعوب، ليست العربية فقط، بل في كل مكان بالعالم من خلال الفن.
 
•    في رأيك كيف يكون الكاريكاتير مؤثرًا في قضايا كتلك المذكورة سلفًا؟
- الكاريكاتير يمكنه فضح الأكاذيب، وإعطاء دفعات معنوية للنشطاء، كذلك يمكنه السخرية من السياسيين بشكل أقوى. حينما حدث الانقلاب العسكري الغاشم في الهندوراس أواخر يونيو 2009 كان أول شخصين تم إلقاء القبض عليهما بواسطة الجيش هما مانويل زيلايا -رئيس الجمهورية- وآلان ماكدونالد، رسام الكاريكاتير الهندوراسي المعروف!!

•    هلا أخبرتنا عن أعمالك الفنية التي قدمتها في الشأن البرازيلي الداخلي؟ وما هو سقف الحرية الممنوح في البرازيل؟
- كما يحدث في كل مكان، لديك تابوهات لا يجب تعديها، وأحد هذه التابوهات هو: وحشية وفساد الشرطة. الناس هنا يقتلون لأنهم يشجبون اعتداءات رجال الشرطة، وقد تم اعتقالي ثلاث مرات من قبل؛ بسبب رسم كاريكاتيرات ضد وحشية الشرطة في ريو دي جانيرو. وكانت لي ملصقات في الشوارع وضعها أشخاص لا أعرفهم تمت مراقبتها، حتى أن الحاكم نفسه سيرجيو كابرال فيليو أمر بإزالتها.

•    هل شعرت بالخوف من قبل بسبب جرأة أعمالك؟ وهل تلقيت تهديدات من أية جهة بسببها؟
- لم أشعر بالخوف إطلاقًا.. أما التهديدات، نعم تلقيت بعضها من مواقع إنترنت مرتبطة بحزب الليكود الإسرائيلي؛ نظرًا لأعمالي الداعمة للفلسطينيين.

عن مصر والثورة المصرية

•    كيف بدأت العلاقة بينك وبين النشطاء المصريين الشباب قبيل ثورة 25 يناير؟ وكيف عرفت قصة خالد سعيد؟
- بداية، فإن دعم مبارك للسياسة الإسرائيلية كان شيئًا معروفًا بشكل جيد جدًا بالنسبة لي منذ زمن طويل. وكانت البداية مع النشطاء المصريين حين رسمت كاريكاتيرًا لهم أثناء إضرابات عمال المحلة. أما عن خالد سعيد فقد أمدني النشطاء المصريون ببعض الروابط ومواقع الإنترنت والصور، وأخبروني بالقصة -المقززة- كاملة وهكذا عرفت كل شيء عنه.

•    هل أصابك إحباط ما جعلك تعتقد للحظة أن النظام المصري سيتمكن من هزيمة الثوار؟ 
- نعم، قليلا بصراحة، بسبب معرفتي السابقة بأن النظام القمعي المصري الذي تموله مليارات الدولارات الأمريكية هو جهاز ضخم ومتشعب، لكنني ظللت مستمرًا في رسم الكاريكاتيرات، معولا على قوة الشعب المصري وقدرته على الصمود.

•    كيف كان شعورك حين شاهدت أعمالك الفنية مرفوعة كلافتات في أيدي المتظاهرين؟
- إنها واحدة من أكثر الأشياء تأثيرًا في حياتي كفنان وكإنسان. وعمومًا فإن رسم تلك الأعمال الفنية للثورة المصرية كان بمثابة تجربة رائعة في حياتي كلها.

•    بعض أعمالك الخاصة بالثورة المصرية أظهرت رأيك حول دعم وتضامن الولايات المتحدة مع نظام مبارك ضد الشعب، كيف رأيت ذلك بينما كانت إدارة أوباما تطالب مبارك بالتنحي ونقل السلطة؟
- مبارك كان رجل واشنطن القوي في الشرق الأوسط. كذلك فإن أوباما وهيلاري كلينتون لم يظهرا نفس الحماس للديمقراطية مع مصر كما أظهراها مع إيران، لو كان أحمدي نجاد قد قطع الإنترنت عن إيران بالكامل، فإن الغرب كان سيصدر ضجة حقيقية، ولكن نظرًا لأن ذلك كان يحدث في مصر، الحليف الأقرب لإسرائيل والولايات المتحدة، فإنه لم يكن هناك الكثير ليقال!!

•    دعمك للثورة المصرية تخطى تقديمك للكاريكاتير وجعلك تشارك في مظاهرات تضامنية أمام القنصلية المصرية في ريو دي جانيرو، فما قصة هذا الأمر؟ 
- لم أقم بالكثير، فأنا أشارك وسأظل أشارك في المظاهرات المتضامنة مع كفاح الشعوب.

•    في اعتقادك هل حققت الثورة المصرية ما كانت تصبو إليه؟
- أعتقد أنكم كمصريين قد نجحتم في إسقاط رئيسكم السابق، وأهنئكم كثيرًا على ذلك، لكن الآن أنتم تحتاجون لبناء نظام ديمقراطي حقيقي، وفي المستقبل عليكم التخلص من النظام الرأسمالي الظالم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق